قال وزير الكهرباء غسان الزامل في ختام فعاليات المؤتمر الأول للطاقات المتجددة والكهرباء أن إنتاج الكهرباء كان قبل الأزمة يغطي نحو 99 بالمئة من حاجة سورية، لافتاً إلى أن تكلفة إنتاج الطاقات المتجددة أعلى من كل دول العالم بنسبة تصل إلى 40 بالمئة نتيجة الحصار المفروض على سورية، متسائلاً عن موقف الأمم المتحدة من هذا الحصار.
وأشار الزامل إلى الصعوبات الكبيرة المتمثلة في الحصول على تجهيزات الطاقة الكهربائية، بما في ذلك توريد عدادات الكهرباء، متسائلاً عن سبب منعها من الدخول إلى سورية، مبيناً أنه من غير الممكن إحداث أي ربط كهربائي بين الدول العربية ودول العالم إلا عن طريق سورية، ومع ذلك تتم محاربة ذلك من قبل الدول الاستعمارية، متسائلاً: ماذا فعلت الأمم المتحدة حيال سرقة القوات الأميركية للنفط الموجود في شمال سورية، أو تدمير محطات الطاقة الكهربائية، مطالباً الأمم المتحدة برفع العقوبات على سورية وخاصة على الطاقة الكهربائية.
وفي تصريح لـ«الوطن» على هامش المؤتمر، أشار الزامل إلى أن التعاون القائم حالياً في مشاريع استثمار الطاقات المتجددة هو تعاون بين شركات، ولا يوجد حتى اللحظة تعاون واضح مع الدول الأخرى، وهو ليس مطلوباً بالأساس، لأن نجاح مشاريع الطاقات المتجددة هو عمل الدولة عبر إنشاء المحطات وتشجيع المستثمرين للدخول في هذا المجال إن كان بالتشاركية أو بطرق أخرى وهي موجودة ومسهلة من قبل وزارة الكهرباء.
وحول العقوبات المفروضة، أشار إلى أن المطالبات مستمرة وبشكل دائم عبر وزارة الخارجية والمغتربين للمطالبة برفعها، ووزارة الكهرباء بشكل خاص تطالب بشكل دائم برفع العقوبات عن القطاع الكهربائي لما فيه أهمية لجميع القطاعات الخدمية والصحية والزراعة والتعليم.
فرصة لتبادل الخبرات
رئيس الجلسة الأولى وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور محمد سامر الخليل رأى في تصريح لوسائل الإعلام أن المؤتمر فرصة لتبادل الخبرات وطرح الأفكار، مشيراً إلى أن الوزارة تعمل على تسهيل إجراءات الحصول على إجازات الاستيراد للمستلزمات الخاصة بالطاقات المتجددة ومشاريعها وإدراج مكونات صناعة الطاقات المتجددة في برنامج إحلال البدائل للمستوردات الذي قالت عنه معاون وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية لشؤون التنمية الاقتصادية رانيا أحمد إنه برنامج تنموي من جهة، ويعمل على تحقيق التنمية المستدامة من جهة أخرى.
الجيوتيرما أكثر استدامة
من جانبه تحدث وزير النفط والثروة المعدنية الدكتور بسام طعمة بشكل موسع عن أهمية الاستفادة من الطاقة الحرارية الأرضية المخزنة في باطن الأرض والمعروفة بـ(الجيوتيرما)، كونها طاقة مستدامة أكثر من الشمسية والريحية، ولانخفاض تكاليفها وانعدام آثارها السلبية على البيئة، كاشفاً أن وزارة النفط دخلت مؤخراً في هذا المجال وأن هناك مشروعاً تجريبياً في منطقة (أبو رباح) في تدمر، حيث بالإمكان الاستفادة من هذه الطاقة المستخدمة بشكل كبير عالمياً في التدفئة وفي القطاع الزراعي لتدفئة البيوت البلاستيكية شتاء، والتخلص من مشكلة شح المحروقات.
بحاجة لتضافر كل الجهود
رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي فادي سلطي وخلال فعاليات الجلسة الثانية من المؤتمر، أشار إلى أن سورية منذ سنوات ما قبل الحرب كانت أقل البلدان التي تحصل على المساعدات الإنمائية الموجهة نحو مشاريع الطاقة وذلك حسب بيانات الأمم المتحدة، حيث كان يصل نصيب الفرد من هذه المساعدات في عام 2005 إلى 4 دولارات، في حين وصل في عام 2012 إلى 11. 8 دولارات.
وأكد سلطي محاولات سورية الدائمة لإعادة العجلة إلى ما كانت عليه، ولكن ذلك يحتاج إلى تضافر كل الجهود سواء على المستوى المحلي بالتشارك مع القطاع الخاص أم على المستوى الإقليمي أو على مستوى المنظمات، مضيفاً: نحاول من خلال هذه الثلاثية أن نكون جاهزين لتمويل قطاع الطاقات المتجددة نظراً لعائديته الكبيرة مستقبلاً، حيث ستعمل هذه المشاريع على تخفيض الانبعاثات الكربونية وتأمين فرص العمل، لافتاً إلى وجود مبادرات خجولة من قبل القطاع الخاص للاستثمار بالطاقات المتجددة، ومشدداً على ضرورة إيجاد شراكات بين القطاعين العام والخاص أو إنشاء شركات مساهمة من قبل مجموعة من المستثمرين في القطاع الخاص للعمل بالطاقات المتجددة والاستفادة من التسهيلات التي قدمها قانون الاستثمار.
تسهيلات كبيرة للطاقة المتجددة
وفي السياق، أشار المدير العام لهيئة الاستثمار الدكتور مدين دياب إلى قرارات مجلس الاستثمار الأعلى التي تضمنت تكليف وزارة الكهرباء بتحديد الأراضي المناسبة لإقامة مشاريع الطاقة المتجددة بالتنسيق مع وزارة الزراعة، والسماح لمشاريع توليد الكهرباء باستخدام الألواح الشمسية داخل المدن والمناطق الصناعية من دون اشتراط الحصول على التراخيص اللازمة من وزارة الكهرباء، إضافة إلى تكليف وزارة الإدارة المحلية والبيئة بالتوجه نحو تنظيم عمل تخصيص الأراضي لمشاريع الطاقة المتجددة في المدن والمناطق الصناعية.
زيادة نسب تمويل
أما ممثل مصرف سورية المركزي عصمت يوسف فقد بيّن ماهية دور المصرف المتمثل بالتنسيق مع الوزارات المعنية وتوجهات اللجان الاقتصادية في موضوع تعميم القرارات الناظمة للتسهيلات الائتمانية الممنوحة لبعض المشاريع الصناعية ومن ضمنها مشاريع الطاقة المتجددة، وزيادة نسبة تمويل المشاريع العاملة على الطاقة المتجددة.
توصيات المؤتمر
وتركزت توصيات المؤتمر على الطلب من الأمم المتحدة العمل على رفع العقوبات الاقتصادية أحادية الجانب المفروضة على الشعب السوري، إضافة إلى السماح للقطاع الخاص بالمشاركة في تحمل مسؤولية أكبر من أجل إمداد طاقة موثوقة وبأسعار تنافسية.
كما طالب المؤتمر بضرورة تفعيل ودمج سياسات الترابط بين قضايا المياه والغذاء والطاقة بهدف تحقيق استدامة الموارد، إضافة إلى التأكيد على أهمية تفعيل الربط الكهربائي بين الدول العربية، والتشجيع على إقامة شركات مساهمة في مجال الطاقة المتجددة والكهرباء.
وأوصى المؤتمر ضرورة بتقديم التسهيلات اللازمة لإقامة شركات مشتركة في هذا المجال، ودراسة الأسعار الواردة في قرار تعرفة التغذية ووضع تعرفة لجميع أنواع الطاقة المتجددة، إضافة إلى إصلاح وترشيد تعرفتي الكهرباء والمياه، وضرورة وضع سياسات وأطراً مؤسساتية مناسبة ومتكاملة لقطاع الكهرباء، وإعداد الدراسات الفنية والاقتصادية للكمون الطاقي المتاح لطاقة الأمواج وطاقة جوف الأرض، وتكليف المركز الوطني لبحوث الطاقة مع الجهات المعنية لإعداد الدراسات المطلوبة، إضافة إلى إعطاء أولوية لمشاريع وتجهيزات الطاقة المتجددة لجهة تأمين القطع الأجنبي، ودراسة إمكانية اعتبار أصول مشاريع الطاقة المتجددة القائمة كجزء من قيمة الضمانات المقدمة للحصول على التمويل لمشاريع الطاقة المتجددة الجديدة.
وختاماً طالب المؤتمر بزيادة الأراضي المخصصة لمصلحة وزارة الكهرباء الخالية من الإشغالات لطرحها للاستثمار بمشاريع الطاقة المتجددة لتمكين المستثمرين من إقامة مشاريعهم، كذلك بناء القدرات الفنية والإدارية للشباب في مجال الطاقة المتجددة والكهرباء بالتعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية للقطاعين العام والخاص، وتطوير التشريعات الناظمة لرفع كفاءة الطاقة وتقديم التسهيلات اللازمة لها.
الوطن