يرى الباحث الاقتصادي الدكتور عدنان صالح إسماعيل أن الحرب على في بلدنا وضعت أوزارها بعد أكثر من عشر سنوات عجاف، والأمور السياسية في تحسن ملموس .
إذاً المهم حالياً هو الملف الداخلي المتركز في قضيتين أساسيتين: انخفاض المستوى المعيشي وجنون الأسعار، والتفاوت الطبقي المخيف من جهة ومن جهة ثانية الفساد المنتشر هذا ما صرح به إسماعيل ل”تشرين” في لقاء خاص ، مؤكداً أن الإجراءات المتخذة مازالت غير كافية لحل إشكاليات الملف الداخلي ولم تعط الثمار المرجوة منها لعدة أسباب أبرزها :
عدم وجود آلية فعالة للسيطرة على الأسواق والأسعار، وعدم وجود قاعدة بيانات دقيقة تساعد الحكومة في اتخاذ إجراءاتها الموجهة لذوي الدخل المحدود ، وانتشار الفساد والثراء غير المشروع والتهرّب الضريبي، وإذا أردنا أن نقاطع بين الأسباب والنتائج المرجوة نتساءل ما الخطوات التي تساعد في تحقيق هذه الهدف؟
وفي معرض إجابته الدقيقة أكد إسماعيل أن إلغاء النقد الورقي والتحول التدريجي إلى نظام الدفع الإلكتروني وحده هو من يحقق هذا الهدف.
وفي بلدنا تتوافر كل الظروف والأسباب الموضوعية الكفيلة بدفع أياقتصاد للتحول نحو الدفع الإلكتروني، فالفساد ظهر سواء في دوائر عامة ام في القطاع الخاص , والتضخم بلغ أرقاماً قياسية غير مسبوقة , ناهيك عن التهرب الضريبي والجمركي والاحتكار والتلاعب بالأسعار والإثراء غير المشروع , يضاف إلى ذلك إخفاق الإجراءات الحكومية التقليدية في مواجهة الظواهر المذكورة أعلاه والحاجة إلى حلول غير تقليدية. فقد أخفقت كل الإجراءات بإعادة توزيع الدخل القومي لمصلحة الطبقات الأكثر فقراً نتيجة عدم وجود قواعد بيانات دقيقة ، إضافة إلى كثرة التشوهات والتسربات في الدورة المالية، حيث إن تطبيق الدفع الإلكتروني والربط الشبكي والمعلوماتي وإلغاء الدفع الورقي سيحد بشكل كبير من التهرب الضريبي، فأي مبلغ يدخل إلى حساب أي شخص سيكون بعلم الدوائر المالية. كما سيقود في النهاية إلى مكافحة كل أشكال التهرب الجمركي. وضبط الأسواق ومكافحة الاحتكار، حيث إن ربط كل القارئات بمخدم مركزي سيتيح للجهات المختصة إجراء عملية ضبط أو Control للأسواق، بحيث يصعب على أي تاجر إخفاء مواد واحتكارها لجني أرباح مستقبلية.
وأوضح إسماعيل أن تطبيق الدفع الإلكتروني زيادة لفاعلية البرامج الحكومية الهادفة لإعادة توزيع الدخل ودعم بعض الفئات، فكل المعطيات المطلوبة يوفرها نظام الدفع الإلكتروني لمتخذ القرار بهدف توجيهه لتحقيق الهدف المرجو منه. والوصول إلى عملية ترشيد دعم الحكومة لبعض السلع كالخبز والمحروقات والكهرباء والمواد الغذائية وغيرها من خلال تبني استراتيجية وطنية اعتماداً على تطبيق نظام الدفع الإلكتروني تتضمن بداية تحديد الأسر المستحقة للدعم ومن ثم رفع الدعم بشكل تدريجي، وعلى التوازي منح الأسر المستحقة للدعم تعويضات شهرية معادلة لفروقات أسعار السلع والخدمات التي ارتفعت أسعارها نتيجة رفع الدعم، بحيث نضمن في النهاية تحقيق هدف وصول الدعم لمستحقيه بعيداً عن الهدر واستنزاف الدعم من الفئات الأعلى استهلاكا.
وبالتالي فإن قضية تطبيق الدفع الإلكتروني سيكون لها تأثير كبير في إنجاح قانون حماية المستهلك وتاليا تخفيف تدخل العنصر البشري قدر المستطاع وهذا يتطلب أن تقوم الحكومة تدريجياً ومن خلال برنامج متكامل الأطراف بإلغاء التعامل بالنقد الورقي والتحول إلى نظام الدفع الإلكتروني وأتمتة كل التعاملات اليومية.
تشرين