الدكتور عامر خربوطلي ـ مدير عام غرفة تجارة دمشق .
منذ أكثر من مئة عام صدر الكتاب الأشهر لرائد الإدارة العلمية (فريدريك تايلور) بعنوان (أساسيات الإدارة العلمية) حيث أورد فيه
ما يلي:
يمكننا أن نرى غاياتنا تختفي وطاقة مياهنا تُهدر، وتربتنا تحملها الفيضانات نحو البحر، ومخزوننا من الفحم والحديد على وشك النفاذ. ولكن الهدر الأكبر هو هدر الجهد البشري الذي نقوم به كل يوم من خلال أفعالنا الموجهة في غير محلها أو غير الفعّالة أو غير الظاهرة وغير الملموسة والتي لا ندركها بالشكل الكافي.
ورغم مرور كل هذه السنوات على هذا الكتاب إلا أن هذه المقولة تبدو تخاطب عصرنا الحالي، فعلى الرغم من الكفاءات العالية في بناء الأشياء فإن الاقتصاد لايزال مهدراً للكثير من الموارد، ولا ينبع هذا الهدر من عدم التنظيم الكافي للعمل، بل وهنا الأخطر بل من العمل على الأشياء الخاطئة أو غير المهمة أساساً وكما قال (بيتر دراكر) لا يوجد أمر أكثر هدراً من العمل بكفاءة عالية جداً على ما لا يجب فعله من الأساس!!!!
إن ما ينطبق على عالم الأعمال كاقتصاد جزئي ينطبق في كثير من الأحيان على الاقتصاد الكلي وهنا ينبغي التركيز على تحديد الأهداف بدقة قبل البحث في وسائل تطبيقها، ويجب تصنيف الأولويات وفق تراتبية الأهمية قبل البدء بأي عمل اقتصادي.
وقبل ذلك كله ينبغي أن تكون غايات التنمية وتحسين مستوى الدخل الفردي وتأمين فرص العمل وخلق القيم المضافة في طليعة أهداف أية سياسات اقتصادية أو مالية أو نقدية لأن الجهد المبذول في تحقيق تلك الغايات سيكون مركزاً ولن يكون للهدر بجميع أشكاله أي مكان.
إن الاقتصاد السوري بجناحيه الجزئي والكلي بحاجة إلى وضع سلم أولويات واضحة لبرنامج بناء الاقتصاد لما بعد الأزمة لكي يكون الجهد المضاعف والأكثر كفاءة مركزاً بشكل أساسي على أهداف تنموية مطلوبة بذاتها.