تحولت مؤونة الشتاء وأنواعها المتوارثة لمادة تجارية ومساعد داعم في كسب الرزق لكثير من المزارعين، خاصة تلك التي لا تحتاج مجهوداً وتكاليف كبيرة في زراعتها كالتين والعنب، والقدرة على تغطية إمكانيات تصنيعها البسيطة لتتحول إلى ما يعرف «التين الهبول وتين الطبع والزبيب».
أم عدنان أم لست بنات ذكرت لصحيفة «الوطن»، أن اعتمادها في استكمال تحصيل بناتها الدراسي يكون على موسم بيع التين المجفف أو «الهبول» لقلة تكاليف التصنيع وخاصة أن ثمرة التين المتجذرة في منطقتهم والتي لا تحتاج إلى عناية دقيقة، ويكفيها مجهود شخصي ونظافة عامة للحصول على منتج التين الهبول واعتباره مورداً رئيسياً في كسب رزقها، وبينت أم عدنان أن هذا المحصول يعاني في بعض الأحيان من آفات زراعية أو أمراض قد تصيب شجرة التين، وحينها تعتمد في المبيع على موسم سابق مخزن نظراً لوفرة الإنتاج لديها.
ليست الآفات الزراعية العائق الوحيد الذي يصيب هذه المنتجات الزراعية، حيث تتحضر ريم حمدان من محافظة السويداء للترويج لمنتج الزبيب من النوع الممتاز عبر صفحة خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب ضعف التسويق لهذه المواد رغم وفرة إنتاجها، والتي باتت اليوم تجارية ومورداً لكسب الرزق، موضحة أنها لا توفر مهرجاناً ولا حتى بازاراً خيرياً إلا وتشارك فيه بمنتجاتها ذات الجودة العالية المطابقة حتى لمواصفات التصدير إلا أنها لا تحظى إلا بمبيعات محلية طفيفة.
محمد سالم صاحب مجموعة محال تجارية وتاجر جملة أكد أن دافعه لاقتناء منتجات زراعية محلية هو زيادة الطلب عليها من قبل المستهلكين فيعمد لشراء مواسم كاملة من أصحابها سواء زبيباً أو تيناً مجففاً مطبوع قشور وحتى الهبول مع تأكيد الراغبين بشراء هذه المواد على ضرورة أن يكون مصدرها ريفياً ومن مصدر موثوق لكونها منتجات تحضر بطريقة خاصة.
وعن أسعار المبيع بين سالم أن كيلو التين الهبول بيع العام الفائت بـ12000 ليرة في حين بلغ سعر التين المطبوع 9000 ليرة، أما الزبيب فيتراوح سعر الكيلو من 7000 إلى 8000 حسب نوعيه أشقر أو أسود، أما عن أسعار هذا العام فأوضح سالم أنها لم تحدد بعد من قبل الفلاح نفسه وحجم الربح في هذه المنتجات قليل لضمان بيع الكميات من قبل التاجر المحلي غير المصدّر.
بدوره كشف معاون مدير الاقتصاد الزراعي عبدالله عتوم لصحيفة «الوطن» أن هذه المنتجات تغطي حاجة السوق المحلية وبوفرة، أما الكميات المتاحة للتصدير – أي الفائضة عن حاجة السوق المحلية حسب جداول وزارة الاقتصاد – من 3000 إلى 5000 طن للتين ومن 20 إلى 30000 طن للعنب، مبيناً أن هاتين المادتين يتم تحويلهما لطازج، لكن ليس شرط تصديرهم أن تكون بشكل طازج، ومن الممكن أن تكون الكميات المتاحة للتصدير طازجة ومصنعة، فقد يصدر زبيب أو مربيات أو تين مطبوع، ومن جهته أوضح مدير البستنة في وزارة الزراعة علي الداحوري أن المساحات المزروعة من التين بلغت نحو 11000 هكتار والإنتاج المقدر 40000 طن تقريباً لهذا العام، في حين بلغت المساحات المزروعة من العنب نحو 43000 هكتار والإنتاج المقدر 224000 طن.
الخبير الزراعي والمدير السابق في التنمية الزراعية المهندس عدنان عزو أكد في تصريح خاص لصحيفة «الوطن»، أن مادتي التين والهبول من المواد الزراعية المهمة لتفرد سورية في زراعتها وإنتاجها وبالتالي تلعب دور المنافس القوي في التصدير، فضلاً عن فرص العمل التي توفرها لكثير من الشباب والشابات.
مبيناً أن المنافسة تكون حتى في السوق المحلية حيث تختص محافظة السويداء بإنتاج الزبيب رغم وجوده في مناطق أخرى بريف حمص إلا أن منتج السويداء له الأفضلية حاله حال التين الهبول الذي تختص به منطقة مصياف، أما قشور الطبع فتحتل إدلب المرتبة الأولى فيه وهذا التفرد جاء من طريقة التصنيع والتعامل مع هذا المنتج فمثلاً التين الهبول في مصياف له أساليب خاصة في التجفيف تسمى «السطح» أي التعرض الكافي لأشعة الشمس خلال شهري تموز وآب، بعدها طريقة التهبيل والتحويل لهذا المنتج المختلف عن الطبع أو القشور في محافظة إدلب والمميز بلونه الأصفر الذهبي.
وأكد عزو أن هذه المنتجات رغم التشابه بينها وبين المنتجات في الجرائر وتركيا إلا أنها استطاعت أن تدخل مضمار المنافسة بطريقة التصنيع وجودتها ومطابقتها للمواصفات المطلوبة.
وعن تفاوت أسعار المبيع وارتفاعها عاماً بعد آخر، أرجع عزو السبب لمافيات التهريب وخاصة لبيروت، وهو ما اعتمده بعض التجار بشراء المنتج كاملاً من الفلاح وتهريبه للبنان، علماً أن المزارع لا يحصل على الربح الكبير، إلا أنه لدى الكثيرين يعتبر مصدر دخل موسمياً، فضلاً عن استغناء قسم ليس بقليل من المزارعين عن زراعة الكرمة والتين واستبدالها بأشجار الزيتون تماشياً مع حاجة وطلب السوق.
الوطن