تداول الكثير من الخبراء والمتابعين للوضع الاقتصادي توقّعات تفيد بتحسن نسب الحوالات الخارجية عبر الأقنية الرسمية بعد أن أصدر مصرف سورية المركزي يوم الاثنين الماضي قراراً بتعديل سعر صرف الدولار للحوالات ليصبح 3000 ليرة، معتبرين أن ذلك سيؤدي إلى كسب شريحة جيدة من الناس وبالتالي سيضخ نسبة كبيرة من العملات الأجنبية في الأسواق.
وزيرة الاقتصاد السابقة الدكتورة لمياء عاصي، كانت لها وجهة نظر مغايرة، حيث بيّنت في تصريحها لـ«الوطن» أن التأمّلات يجب أن تكون ضعيفة في تحسّن حجم الحوالات عبر الأقنية الرسمية، لأن سعر الصرف الحر ما زال أعلى بكثير من السعر الرسمي، لافتة إلى أن مشكلة التحويل عبر السوق السوداء ستبقى قائمة لأن المواطنين الذين ترد إليهم حوالات خارجية والمستثمرين الذي يريدون إرسال حوالات من الخارج لن يقبلوا بدفع هذا الفارق بين السعرين مهما كانت العقوبات والإجراءات الأمنية والقانونية قوية.
وأشارت عاصي إلى أن المطلوب لجذب حوالات خارجية عبر الأقنية الرسمية أن يحدد مصرف سورية المركزي سعراً مقارباً بشكل كبير للسوق الموازية، وخاصة أن حجم الحوالات التي تصل إلى مصرف سورية المركزي في ظل انخفاض السعر قليل جداً، وأن الحوالات في كل دول العالم التي لديها عمالة خارجية مثل سورية ومصر وتحوّل إلى ذويها في الداخل أموالاً أو تشتري أصولاً، تعتبر من المصادر الدولارية التي قد تكون الأهم فمثلاً في مصر تعتبر هذه المصادر أهم من القطع الوارد عن طريق التصدير.
وتابعت عاصي: «حتى اليوم لم أستطع إدراك الحكمة والفائدة وراء عدم اتخاذ مثل هذا القرار رغم أهميته، إذ أن انخفاض سعر الحوالات عبر الأقنية الرسمية أدى إلى فقدان مصدر مهم من المصادر الدولارية وعدم جذب للاستثمارات لأن أي مستثمر عندما يرغب بتحويل أمواله لوضعها في أي مشروع سيخسر أكثر من 30 بالمئة»، مشيرة إلى أن تشجيع الاستثمار لا يكون فقط بالتصريحات والكلام، وإنما يجب أن يكون بتأمين بيئة تشريعية واقتصادية ونقدية مستقرة، حيث أن التذبذب يعد أمراً ليس لمصلحة الاستثمارات مطلقاً.
واعتبرت عاصي أن التحويل عبر سماسرة ووسطاء في السوق السوداء له وجهان أولهما تراجع مصادر العملات الأجنبية وهذا الأمر كارثي على الإنفاق الحكومي وقدرة الدولة على الصمود والنهوض اقتصادياً، إضافة إلى تنشيط السوق السوداء وخاصة أنه تم السماح قبل عدة أشهر لمكاتب الصرافة بالتصريف بمبلغ قريب من السوق السوداء أي إن معظم الحوالات الخارجية ستكون لمصلحة هذه المكاتب.
وبيّنت عاصي أنه على الرغم من عدم وجود إحصائيات رسمية تعطي عدد الأسر التي تعتمد على الحوالات الخارجية، لكن قد تتجاوز نسبتها اليوم 30 – 35 بالمئة، وهذه أرقام يمكن تقديرها من خلال ارتفاع الأسعار وشح الدخول التي تؤكد أن المواطنين يحتاجون إلى مساعدات مالية من الخارج، مستغربة من مكاتب الصرافة التي لا تعلن عن أرقامها وحجم تحويلاتها شهرياً، على عكس بقية الدول كمصر مثلاً التي أعلنت أنه خلال عام 2021 بلغت تحويلات العاملين في الخارج إليها أكثر من 11 مليار دولار.
الوطن