مجلة العصر .
انهيار الاقتصاد العالمي …. ذوبان القوة الامريكية
مركز نورس للدراسات
نعيش الان مرحلة اقتصادية خطيرة جدا، تهدد بانهيار النظام الرأسمالي، والذي تدعمه بشكل رئيسي امريكا، فهناك على مايبدو سعي محموم من البنوك المركزية لشراء الذهب، وهو مؤشر على قلق هذه البنوك من المستقبل، فالاوراق النقدية المطبوعة في السوق اكبر بكثير من القيمة الحقيقية لها، ومع استمرار طباعة العملة، وتكدس البضائع (الانتاج اكبر من طلب السوق) وارتفاع أسعار الأسهم دون ارتفاع مواز في الإنتاج او البيع وأرباح الشركات، كما ان ارتفاع قيمة شركات تقدم خدمات يمكن وبسهولة الاستغناء عنها كالشركات التقنية والتي بلغت قيمتها السهمية تريليونات من الدولارات. فهذا يرجح اننا مقبلون على فقاعة مالية نووية، ونحن في انتظار بدء السلسلة في التفاعل.
متى سيحدث هذا؟ لا أحد يعلم، لكن الذهب عند أعلى مستوى له منذ نحو 6 أعوام، والدول تسعى الى استعادة احتياطياتها من الذهب من البنوك الأمريكية والبريطانية، وبريطانيا صادرت مخزون فنزويلا من الذهب، وزادت روسيا والصين من شراء الذهب لارقام قياسية، كل هذا يشير الى شعور الدول بوجود كارثة اقتصادية قادمة.
هناك ثلاث احتمالات لبدء سلسلة الدومينو في الانهيار الاقتصادي (1) احتمال افلاس الأرجنتين، حيث انخفضت قيمة عملتها 30%، وتنتشر تسري اخبار عن امكانية افلاسها (2) الحرب الاقتصادية الصينية-الامريكية، ونتائج مظاهرات هونغ كونغ وتبعاتها (3) ابتعاد ترامب عن رئاسة امريكا او كارثة طبيعية ضخمة جدا في امريكا.
ان سيناريو افلاس امريكا وتفكك ولاياتها هو السيناريو الارجح لانتهاء هذه الدولة، والتي لم تعد تستطيع حماية النظام العالمي وانكفأت على نفسها، وسيتبعه انهيار اقتصادات اوروبا، التي تعتمد على امريكا، وهذا سيؤدي الى ضعف الطلب على النفط اي انهيار اسواق النفط، مما سيتسبب في عجز موازنات الدول النفطية وانهيارها ايضا.
ان انهيار الاقتصاد الامريكي سيؤدي حتما الى انهيار سلسلة طويلة من البنوك حول العالم، فلا تتمكن الشركات من الحصول على الخط الائتماني ولا على الاموال في حساباتها البنكية، وقد يخسر الناس جميع اموالهم الافتراضية في البنوك، لتعود القيمة الحقيقية للمواد الخام، واهمها الذهب
هناك الكثير من المؤشرات على ذوبان القوة الأمريكية، وبالتالي اقتراب سيناريو الانهيار، فترامب لا يستطيع اقناع الاوروبيون بالمضي معه بالضغط على ايران، ويواجه صعوبة مع الصين، ونفوذا متزايدا من ايران وروسيا، ويريد الانسحاب من افغانستان وسوريا، واوقف ملف التفاوض مع كوريا الشمالية، وفشلت الحملة على فنزويلا، واخلت بريطانيا سبيل الناقلة الايرانية، كل هذه مؤشرات على ضعف نفوذ امريكا الدولي اي تآكل قوتها، لانها لم تعد امريكا قادرة على إجبار الدول الأخرى على الامتثال لقواعدها او لقواعد النظام العالمي.
ان التهديدات الامريكية الاخيرة هنا وهناك، وعدم قدرتها على تنفيذ هذه التهديدات يفهم على أن الإمبراطورية الأمريكية تعيش ايامها الاخيرة، وانهيارها سيؤدي حتما الى تغيير كبير جدا في العالم ..