الخبير السوري:
كشف مضر توفيق اليونس رئيس غرفة تجارة وصناعة طرطوس، عن جوهر الأسباب التي أدت إلى التصاعد غير التقليدي في ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي في السوق السوريّة، لافتاً إلى جملة حيثيّات غير نقدية ولا اقتصادية كانت هي أهم الأسباب التي أدت إلى اختلاط الأوراق في السوق.
ويسرد اليونس سلسلة الأسباب بطريقة دراميّة لا تخلو من التشويق إلى جانب التحليل الهادئ لمجريات كواليس السوق..ويقول: يروي سفر الصمود السوري بأن مصرفين أجنبيين اتخذا منطقة شتورة في لبنان مركزاً لعملياتهما، قادا عملية سحب الليرة السورية من أسواقنا في العام 2011 مقابل أثمانٍ باهظةٍ ، بهدف استدراجِ الاقتصاد السوري إلى “الدولرة” واستنساخ التجربة اللبنانية في بلادنا، إلا أن إشاعةً سرتْ ، بأن عملة جديدة بطريقها للطباعة والاستغناء عن العملة القديمة ، أربك من خطط ونفذ وأرغمهم على إعادة ما تم سحبه…
وفي أحد فصول سفر الصمود يُذكر أنه في العام 2014 انتقل هؤلاء إلى سياسة سحب الدولار الحكومي وإفراغ خزائن المركزي من احتياطيه، وقتذاك تدخل المركزي بسلاح جلسات التدخل وفرض توازناً استطاع الحفاظ عليه حتى منتصف العام 2016 حين وصل سعر الدولار الواحد إلى 645 ليرة سورية ، إلا أن رجال الجيش العربي السوري كانوا على موعد مع بداية النصر وتحرير كبرى المدن وشريان الاقتصاد السوري مدينة حلب ،وانعكس الوضع الميداني على سعر الصرف ، لا بل إن سعر الدولار في السوق السوداء انحدر إلى ما دون السعر الذي حدده المركزي، و رفض الأخير الانجرار وراء السوق السوداء حرصاً منه على ضمان الاستقرار بسعر الصرف .
– اليوم الليرة السورية في مواجهة المركزي اللبناني :
تخوض الليرة السورية اليوم جولة جديدة من معارك الصمود ، وهي من تمرس على الجولات وصولاتها، وقد بدأت الصورة تنجلي والرؤية تتكشف، فلبنان الشقيق المتخوف من إفلاس يتهدد اقتصاده بحسب وكالات التصنيف الدولية، يرسم مصرفه المركزي علامات الاستفهام الكثيرة حول تقديمه دعماً تصل نسبته إلى 20% للمصارف العاملة التي رفعت أسعار الفائدة على الإيداعات لديها بالدولار إلى 5 حتى 8% بهدف استجرار الدولار من الدول المجاورة، أي أن هناك ما يقارب العشرة بالمئة يتحملها مصرف لبنان المركزي كخسائر “لا مبرر لها” ؟؟َ!!
– تجار الأزمة في مواجهة الجيش السوري المالي :
وبغض النظر فيما إذا كانت مغامرة المركزي اللبناني والخسائر التي سيتحملها لقاء الدعم المذكور ممولة لأغراض سياسية ،”لاسيما وأن الموقف الاقتصادي لا يحتمل المغامرة”، إلا أنه لمن المفاجئ أن نرى البعض يسارع إلى سحب إيداعاته في المصارف السورية و ضخها مع مدخراته بالمصارف اللبنانية طمعاً بهامش الربح ، متناسين أن ذراع المركزي السوري قادرة ، وأن أدوات تدخله وإجراءاته كفيلة بفرض التوازن الذي يريده، وأن اختيار التوقيت هو سلاح أتقنه المركزي على مدار السنوات السابقة .
أن الأيام القادمة ستشهد ولادة الجيش السوري المالي ،وهو الذي ما غاب يوماً عنها، عبر ثلة من رجال الأعمال الوطنيين من أصحاب الأيادي البيضاء، المتسلحين بوطنيتهم والمؤمنين بوطنهم ، وسيدعمون إجراءات المركزي السوري لتعرية الوهم الذي يتلبس سعر الصرف وضبط حقيقة سعره.
– السعر وهمي…
في ظل اجواء الحرب يبقى من البدهي ان تسود اجواء من التوتر على المستوى الشعبي..فعامل الخوف والقلق أي العامل النفسي من شأنه أن يؤدي إلى محاولات البعض التوجه نحو خيارات تحفظ مدخراتهم فيلجؤون إلى اكتناز الدولار..
ويعمل المضاربون على زيادة هذه المخاوف وتوسيع دائرة القلق..ليحققوا إقبالا على الدولار..مستفيدين من صعود وهبوط سعر الصرف في عمليات البيع والشراء..هؤلاء همهم الا يستقر سعر الصرف لان في الاستقرار ضربة قاصمة لهم.
قد يكون للبعض تحفظ على التصريحات التي تقول أن ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة وهمي، إلا أن المراقب يستطيع أن يتلمس تأثير العامل النفسي على سعر الدولار، فكيف لصفحة على وسائل التواصل الاجتماعي أن تتحكم بسعر الدولار على امتداد المحافظات السورية، وتمارس هذا التأثير الجلي.. بكل بساطة لنبحث عن المستفيد..؟ .. تجار الأزمات الذين يعتمدون الدولار أساساً لأسعار بضائعهم، ويصدرون في صبيحة كل يوم لائحة أسعار وفق نشرة صفحات التواصل، وفي حال أعلنت تلك الصفحة تخفيضاً على سعر الدولار يخفضون أسعار بضائعهم ليضفوا المصداقية لعملهم، وليشرعنوا آلية تسعيرهم .. كيف لا وهم من حصل على الدولار المدعوم بغرض الاستيراد ، فاستفاد من الدعم الحكومي السوري وقام بالتسعير وفقاً لصفحات التواصل مجهولة المصدر ، ليبقى السؤال .. من يقوم بتسعير الليرة السورية مقابل الدولار في السوق الموازي طالما أن المصرف المركزي يمول المستوردات بالدولار الذي يمنحه للتاجر مدعوماً ؟ وما هو سر التناغم ما بين الصفحات التي تقوم بالتهويل والتضخيم والتجييش حول الوضع الميداني و الصفحات التي تقوم بتسعير الدولار ؟؟
هو قدرها إذاً.. أن تجابه و تصمد كما صمود جيشها وقيادتها و شعبها، الليرة السورية اليوم كما الأمس قوية ، تتكئ على اقتصاد متنوع متكامل، يدور في فلكه صناعة تستنهض قوامها من جديد ، و منتجات ذاع صيتها في أرجاء الأرض قاطبة ، وهي الآن تعود من جديد إلى أسواق اشتاقتها، واحتياطي مركزي لم يمس منذ سنوات أربع ، وأولويات يرسمها صاحب القرار الاقتصادي، يتصدرها القطاع الزراعي ليعيد إلى أراضينا خضرة خيراتها ، كما يعيد بواسل جيشنا إلى وطننا خضرة عيونه.