سينسيريا – علي محمود جديد
كل الحق كان مع سامر الدبس رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها هذه المرة، عندما ربط حياة الصناعة السورية واستمرارها بالوجود، مع القضاء على التهريب بشكلٍ نهائي وجازم، وبعيداً عن المجاملات، فإمّا أن تستمرّ الصناعة ويُقضى على التهريب، وإمّا أن يستمر التهريب ويُقضى على الصناعة.
إنها معادلة صحيحة ولا غبار عليها، ولأول مرّة تنتفض غرفة الصناعة الدمشقية العريقة بهذا القدر من الحماس، فالمواقف السابقة لم تكن بهذه الحدّة، مع أن السيد الدبس والكثير من الصناعيين طالبوا مراراً بمكافحة التهريب، المؤثّر سلبياً على الصناعة الوطنية، وضرورة وضع حدّ له، ولكن تلك المطالبات كانت تبقى باهتة، ونشعر أنها تخبئ بين كلماتها نوعاً من المجاملات فعلاً، والمشاعر الخجولة، ولكن يبدو أن رئيس غرفة صناعة دمشق كان يعيش حالة من الضغط الذي راح يتفاعل مع الزمان شيئاً فشيئاً إلى أن وصل إلى هذه الحالة الشبيهة بالانفجار اليوم، لأنّ التهابات الخطر بدأت تزداد وتشتدّ، وكانت أبرز مظاهرها ذلك الارتفاع المفاجئ والكبير لسعر صرف الدولار في الفترة القريبة الماضية، والناجمة في أغلبها – حسب توصيفات الدبس لموقع سيرياستيبس – عن قيام المهرّبين بشراء كميات كبيرة من الدولار ، فيسحبونه من السوق، ويزداد الطلب عليه فيرتفع سعره على حساب الليرة.
واستطرد الدبس في إظهار مخاطر التهريب التي وصفها بأنها لم تعد قابلة للتحمّل، معتبراً أن كل حاوية تهريب تؤدي إلى إغلاق معمل وتسريح عمالة وسرقة العملة الصعبة من السوق السورية.
وبالفعل فالتسويات والاختباء وراء الأصبع ومحاولات حجب الشمس بالغرابيل لم تعد مجدية، وبكثير من القناعة والمنطق السليم يجب تأييد ما ذهب إليه رئيس الغرفة الصناعية بضرورة انتهاج مبدأ المكافحة الشاملة بمعنى أن تغلق المنافذ أمام المهربين وتتم ملاحقتهم في الداخل والاهم قطع خطوط التهريب الكبيرة لاستئصال المهربين الكبار ومحاسبتهم.
ما يثير نوع من الاطمئنان بما ذهب إليه الدبس هو إفصاحه عن تنسيق متين بين الغرفة والحكومة، وعبر خطّ ساخن فُتِح لهذا الغرض، مبيّناً أن الحكومة جادة ومصرة ونحن نشبك معها في هذه المرحلة بشكل كبير فالهدف وطني والمصلحة مشتركة في القضاء التام على ظاهرة التهريب، فلا يمكن أن تزدهر الصناعة السورية ونصل إلى اقتصاد متين في ظل وجود التهريب في اسواقنا، لافتاً إلى قضية في غاية الأهمية وهي أنّ هذا ما فهمه الأعداء وعملوا عليه بشكل منظم ومدروس، ومطبخ سرمدا الذي أعده الأتراك لتهريب المواد الغذائية الفاسدة وإغراق السوق السورية بها أكبر شاهد على دعمهم للتهريب بموازاة دعمهم للإرهاب والهدف واضح لضرب الصناعة السورية وإنهاك الاقتصاد الوطني وهذا الهدف بدؤوا به منذ سرقة معاملنا وتدميرها في بداية الحرب علينا، واستمروا في السعي لتحقيقه عبر دعم التهريب فالتهريب سلاح آخر وفعال بيد الدول المعادية لسورية فالذي دعم الإرهاب بكل أشكاله يدعم التهريب الآن لأنه السرطان الذي يأكل اقتصاد البلد.
وقال رئيس غرفة صناعة دمشق وبصريح العبارة بأن التهريب سبب هام في الارتفاع الأخير لسعر صرف الدولار فهو يهدد مكانة الليرة السورية ويعمل على شل الاقتصاد الوطني.
نأمل لغرفة صناعة دمشق النجاح في هذا المسعى، وأن لا تهدأ حتى تحقق هذا الهدف الذي أرهقنا جميعاً عبر ارتفاع الأسعار الناجم عن سعر صرف الدولار الجنوني الذي أدى إلى إضعاف قدرتنا الشرائية إلى حدودٍ باتت فظيعة.