قسيم دحدل .
لن نستغرب أو نستهجن الرقم المالي (الاستثماري) الذي خصصته وزارة المالية لوزارة الصناعة بمؤسساتها وشركاتها، في موازنة العام 2020، والبالغ 16.3 مليار ليرة (بعد أن كانت “الوزارة” طالبت بـ 39.2 ملياراً)، أي بأقل مما كان خصص في العام الحالي 2019 والبالغ 21.8 مليار ليرة..!؟
لكن سنحاول بيان ما وراء الأكمة، مما نعتقده حجة واهية لمقدار هذا التخفيض اللافت، والذي يتناقض مع ما دأبت عليه الحكومة من شعارات النهوض بالقطاع العام الصناعي وتطويره، ومنها شعار “علمية الصناعة” و”إدخال البحث العلمي”، لمؤسسات وشركات هذا القطاع (أحدث مثال “تاميكو” والـ 60 مليار ليرة التي تعهدت الحكومة بتأمينها لتطوير الشركة وصناعة الدواء فيها..!).
هذا ناهيكم عما كان أُعلن في العديد من الجلسات الحكومية التي خصصت لمعالجة واقع شركات القطاع العام الصناعي، وأهمه “دعم العملية الإنتاجية”، كونها برأي الحكومة نفسها، المُنقذ للكثير من مشاكلنا (تخفيض الأسعار ودعم سعر صرف الليرة أمام الدولار واستقراره، وإحلال المحلي بدل المستورد.. وإلخ..!).
ليس هذا فحسب، بل الأنكى، أن الجزء الأكبر من الاعتمادات المالية للعام القادم 2020، تم تخصيها للمؤسسة العامة للإسمنت إلى 4.2 مليارات ليرة..!
وعليه فالسؤال الذي لم يسأله أحد هنا هو: ما دام هناك عقود مع القطاع الخاص لتطوير خطوط بعض شركات الإسمنت ومنها طرطوس وعدرا (مع مجموعة فرعون)، وحديثاً جداً وقبل يومين فقط، إعلان استعداد (مجموعة قاطرجي الدولية) لاستثمار 200 مليار ليرة في إعادة تأهيل معمل إسمنت حكومي لينتج 3 ملايين طن سنوياً..، حيث أكد المدير العام للمؤسسة العامة للإسمنت ومواد البناء، قيامهم حالياً بالتفاوض مع المجموعة لإنشاء خطوط إسمنت جديدة وتأهيل المعامل المتضررة في حلب، وأن المفاوضات أصبحت في نهايتها.
نسأل.. ما دام هذا يتم، فلماذا تتصدر هذه الصناعة بقية الصناعات بالاعتمادات..!؟ علماً أننا لسنا ضد ذلك أبداً، لكننا الآن نتعجب من منطلق: “أسمع كلامك أصدقو.. أشوف أفعالك أسْتَغْرب”..! هذا من ناحية.
أما من ناحية أخرى، فالسؤال الأهم: هل يعقل أن يكون تواضع نسب التنفيذ الاستثماري في المؤسسات والشركات (كإدخال خطوط إنتاج جديدة، أو استبدال وصيانة وتأهيل التي تحتاج لذلك، وإدخال أو استبدال صناعات بأخرى..)، سبباً لكل هذا التخفيض..؟! في وقت وظرف صناعي، الواجب فيه الدراسة والمحاسبة على عدم إنجاز المطلوب استثمارياً من مؤسسات وشركات قطاعنا الصناعي العام..!
اللافت أن ما تم، يعيدنا للأسلوب المستنكر ذاته ما قبل الأزمة، وفي عهد حكومات عدة..، فهل هناك ما يُبيَّت لقطاعنا الصناعي العام، أكثر مما كان عليه وآل إليه…!؟ يبدو المؤشرات تنبئ بالأسوأ..!؟
شاهد أيضاً
الموافقة على إدراج بعض الأنشطة الزراعية ضمن أحكام قانون الاستثمار
استعرض المجلس الأعلى للاستثمار خلال اجتماعه اليوم برئاسة المهندس حسين عرنوس رئيس مجلس الوزراء واقع …