الدكتور عامر خربوطلي ـ مدير عام غرفة تجارة دمشق .
رغم وضوح هذا التعبير من خلال استخدامه المتزايد إلا أنه ومن خلال الإطلاع على التعاريف التي أوردتها المراجع المتخصصة في هذا الموضوع يمكن ملاحظة بعض التباين في تعريف هذه العملية، وقد نتج ذلك من تعدد مراحل هذه العملية واختلاف درجة الأهمية التي يُنظر إليها.
وللتأكيد على أهمية وضع مفهوم واضح وشامل لدراسة الجدوى فإن منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية أشارت في الدليل الذي أصدرته بعدة لغات حول إعداد دراسات الجدوى الصناعية إلى أنه (كثيراً ما يُساء فهم مصطلح دراسة الجدوى، كما يُساء استخدامه عمداً في حالات كثيرة من قبل موردي المعدات أو التكنولوجيا ، ففي بعض الأحيان تطلق تسمية دراسة الجدوى على مخطط عام لمشروع يهدف أساساً إلى توريد معدات معينة أو إلى اختيار تكنولوجيا معينة على الرغم من أن ذلك المخطط هو مجرد دراسة تقنية أو دراسة داعمة لا تتناول جميع جوانب الجدوى على النحو المطلوب لتقدير غير منحاز لصلاحية المشروع، وفي أحيان أخرى تجري تقديرات الإنتاج أو المبيعات على أساس الظروف السائدة في بلد متقدم وليس لها علاقة تذكر بالظروف السائدة في البلدان النامية، وبالنظر إلى أن هذه الدراسات لا علاقة لها ببيئة الأعمال المحلية أو غير مكيفة لها فإنها يمكن أن تكون مضللة وأن تؤدي إلى سوء تخصيص الموارد، كما يحدث كثيراً في البلدان النامية، فدراسة الجدوى يجب أن تكون مرتبطة بعوامل تترجم إلى تكاليف وإيرادات ومكاسب صافية).
والواقع أن هذه الملاحظات تجعل من الضروري وضع تعريف واضح وشامل لدراسة الجدوى باعتبارها مجموعة عمليات تحليلية عملية وعملية تتناول الجوانب التسويقية والفنية والتنظيمية والمالية للمشروع بهدف تقويمه من ناحية الربحية التجارية التي يمكن أن يجنيها المستثمر ومن ناحية الربحية القومية أو الاجتماعية على مجمل الاقتصاد الوطني بحيث تمكن القائم على الدراسة من اتخاذ القرار الاستثماري الذي يحقق المنفعة القصوى أو المفاضلة بين عدة مشروعات لاختيار أفضلها.
ومن خلال هذا المفهوم الشامل يمكن إبراز البنود الرئيسية لهذا المفهوم وفق ما يلي:
1. هي مجموعة من العمليات والتحليلات العلمية التي تستند على الطرق الرياضية والإحصائية والتقييمات المالية، والعملية التي تستمد معلوماتها من الظروف والبيئة المحيطة بالمشروع القابلة للتحليل.
2. تتناول الدراسة تحليل الجوانب التسويقية والفنية والتنظيمية والمالية وتحليل الربحية الاجتماعية التي توضح آثار المشروع على مجمل القطاعات الاقتصادية والاجتماعية في الدولة.
3. تهدف الدراسة إلى تقرير مدى صلاحية المشروع لاتخاذ القرار الاستثماري مع كل ما يترتب على ذلك من نتائج.
4. المفاضلة بين عدة مشروعات ثبت جدواها لاختيار الأفضل.
ومن الجدير بالذكر أن بعض المراجع تطلق على دراسة الجدوى مصطلح التقييم أو التحليل حيث تقول (إن جميع هذه المصطلحات تعني الدراسة التحليلية والتقييمية للمشروع لحساب الجدوى المالية والاقتصادية له من وجهة النظر الفردية “بالنسبة للمستثمر” ومن وجهة نظر المجتمع “بالنسبة للدخل الوطني” أو ما يطلق عليه اختصاراً دراسة الجدوى التي هي بالإنكليزية : (Feasibility Study).
كما أوضح دليل القييم والمفاضلة بين المشروعات الصناعية للدول العربية الذي تم إصداره بالتعاون بين المنظمة العربية للتنمية الصناعية ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية.
إن دراسة الجدوى الكاملة تعتبر الوثيقة النهائية في صياغة مقترحات المشروع وعلى أساس يمكن اتخاذ قرار تنفيذ المشروع وتمويله.
ورغم أن ذلك يُشير إلى أن دراسة الجدوى تقضي في النهاية إلى إقامة المشروع إلا أنه من الضروري الإشارة إلى أن الدراسة بحد ذاتها بمثابة عملية تحليل وتقييم للمعطيات المتعلقة بالمشروع والتي يمكن في أحيان كثيرة أن توصي بعدم جدوى المشروع حيث يشير دليل الأمم المتحدة (إن دراسة الجدوى التي لا تؤدي إلى توصية بالاستثمار هي دراسة عظيمة القيمة مع ذلك نظراً لأنها تمنع سوء تخصيص مبالغ رأس المال الشحيحة)
ولا شك أن هذه الملاحظة على غاية من الأهمية وبخاصة بالنسبة للدول النامية التي تعاني نقصاً في الموارد والتي تتطلب كفاءة أكبر في تخصيصها وفق المتطلبات التنموية للدولة.
وهذا ما تحتاجه سورية تماماً في بحثها الدائم عن فرص استثمارية ذات مردود كبير لاستغلال الموارد المتاحة وفق سلم أولويات تتناسب مع متطلبات الخروج من الأزمة ودعم عمليات التعافي والانتعاش.
شاهد أيضاً
عندما طلب الرئيس عـالم اقتصاد بيد واحدة!
د. سعـد بساطـة صحيفة الوطن روي عـن الرئيس هاري ترومان أنه طلب من مستشاريه عـالم …