الحكومة تتوقع انخفاضاً في الإيرادات العامة لكنها تتوقع زيادة 44 بالمئة في إيرادات الضرائب …
الوطن ـ محمد منار حميجو
انتقد العديد من أعضاء مجلس الشعب البيان الحكومي الخاص بمشروع الموازنة العامة للدولة للعام 2020، إذ اعتبر البعض أن الأرقام الواردة فيه ليست صحيحة ووهمية، في حين وصف آخرون الموازنة بأنها انكماشية، وغيرهم وصفوها بالتضخمية، إضافة إلى الانتقادات الحادة حول مسألة زيادة العجز بشكل كبير، وعدم إيجاد نظام ضريبي يحقق العدالة للمواطنين.
وخصص مجلس الشعب أمس جلسته أمس لمناقشة البيان المالي لموازنة العام القادم الذي عرضه وزير المالية مأمون حمدان.
وكانت مداخلات بعض الأعضاء حادة وطويلة استغرق بعضها أكثر من ثلث ساعة، على اعتبار أن الوقت غير مقيد بالنسبة لأعضاء المجلس عند طرح مداخلاتهم حول البيان الحكومي.
في تفاصيل الأرقام، قدرت اعتمادات مشروع موازنة عام 2020 بمبلغ 4000 مليار ليرة سورية، مقابل مبلغ 3882 مليار ليرة في موازنة عام 2019، أي بزيادة مقدارها 118 مليار ليرة وبنسبة زيادة مقدارها 3.04بالمئة.
وقدرت اعتمادات العمليات الجارية بمبلغ 2700 مليار ليرة، مقابل مبلغ 2782 مليار ليرة في موازنة عام 2019، منخفضة بنحو 3بالمئة، نتيجةً لعجز المشتقات النفطية المتوقع خلال عام 2020، إثر خسائر شركة محروقات.
وبحسب البيان المالي للحكومة (حصلت «الوطن» على نسخةً منه) لم يتم إظهار كامل النفقات المقدرة للدعم الاجتماعي في مشروع موازنة عام 2020، حيث تم إظهار نفقات الدعم المقدرة المتعلقة فقط بدعم صندوق الإنتاج الزراعي والصندوق الوطني للمعونة الاجتماعية ودعم الدقيق التمويني ودعم المشتقات النفطية، ليصبح مبلغ الدعم المرصد في مشروع الموازنة 373 مليار ليرة، أما بالنسبة لدعم الطاقة الكهربائية والمقدر بحوالي 711 ملياراً في عام 2020، فإنه سيتم معالجته وفق قوانين التشابكات المالية.
ويعود انخفاض الدعم المقدر للمشتقات النفطية لانخفاض خسارة شركة محروقات نتيجةً لانخفاض الأسعار الواردة من مكتب تسويق النفط لكل من النفط الخفيف والثقيل والمستورد مع ثبات سعر الصرف 435 ليرة، وزيادة كمية المشتقات النفطية المنتجة محلياً، وانخفاض كمية المشتقات النفطية المستوردة، وانخفاض أسعارها عن عام 2019 لاسيما المازوت والفيول والغاز السائل، بالإضافة لرفع سعر مادة البنزين إلى 425 ليرة لليتر وتحديد كميات البنزين المبايعة بالسعر المدعوم شهرياً، وتحديد الكميات المبايعة للمواطنين من مادة المازوت بالأسعار المدعومة، وتوزيع أسطوانات الغاز على البطاقة الذكية.
وبحسب البيان، فإن كل تلك الأسباب إضافة إلى ترشيد الاستهلاك في الوقود والغاز نتيجة تطبيقات البطاقة الذكية أدت إلى تخفيض الاستهلاك وعقلنة في الدعم، الأمر الذي نجم عنه انخفاض في عجز المشتقات النفطية، وبالتالي خسائر شركة محروقات، وليس تخلي الدولة عن الدعم.
عجز الموازنة
لوحظ في مشروع موازنة 2020 زيادة العجز المقدر بمبلغ 514.61 مليار ليرة.
وعزا البيان سبب زيادة العجز إلى زيادة الاعتمادات المقدرة في مشروع موازنة عام 2020 بمبلغ أكبر من مبلغ الإيرادات العامة المقدرة، وكذلك توفير فرص العمل الجديدة، إضافة للاعتمادات اللازمة لحسن سير العمل في الجهات العامة.
كما تمت زيادة الاعتمادات المخصصة للمشاريع الاستثمارية بعد تحسن الأوضاع الأمنية في ضوء أهمية هذه المشاريع وأولويتها لدفع عجلة الإنتاج الوطني، وتحفيز النمو الاقتصادي بعد سنوات من الركود الذي فرضته الحرب على سورية، حيث قدرت الزيادة في اعتمادات مشروع موازنة عام 2020 بمبلغ 118 مليار ليرة، على حين أنه انخفضت الإيرادات العامة بمبلغ 397.22 مليار ليرة، الأمر الذي جعل العجز المقدر في مشروع موازنة عام 2020 يفوق العجز المتوقع في موازنة عام 2019.
واعتبر البيان أن نسبة الزيادة في العجز تنسجم مع خطة الحكومة لزيادة الإنفاق العام لتحريك عجلة الإنتاج وتحفيز النمو الاقتصادي، وزيادة الاعتمادات الاستثمارية لتنشيط الدورة الاقتصادية، وبالتالي التعافي التدريجي في الاقتصاد الوطني، ما يعني أن الحكومة تصف موازنة 2020 بالتوسعية.
رواتب وأجور
قدرت الاعتمادات المخصصة للرواتب والأجور والتعويضات في مشروع موازنة عام 2020 بمبلغ 501.67 مليار ليرة، أي بزيادة مقدارها 19.06 مليار ليرة عن الاعتمادات المخصصة لهذا الباب في موازنة عام 2019، بما نسبته 3.59بالمئة، ناتجة عن الزيادة في تعويضات العاملين وفرص العمل التي تم تأمينها في القطاع الإداري.
كما قدرت الاعتمادات المخصصة للنفقات الإدارية بمبلغ 336.82 مليار ليرة، أي بزيادة مقدارها 63.84 مليار ليرة عن الاعتمادات المخصصة لهذا الباب في موازنة عام 2019، بما نسبته 23.39بالمئة.
وتركزت معظم الزيادة في النفقات الإدارية ببند الأدوية والمستلزمات الطبية والمخبرية والأدوية السرطانية، بنسبة 31.98بالمئة، وكذلك زيادة الاعتمادات المخصصة للمستلزمات التعليمية والأعمال الامتحانية وفقاً للحاجة الفعلية ولضمان حسن سير العمل.
واشتملت الزيادات أيضاً على المازوت بنسبة 5.89بالمئة، والبريد والبرق والهاتف والكهرباء والمياه بنسبة 16.8بالمئة، والقرطاسية بنسبة 29.13بالمئة، ونفقات الدعاية والضيافة بنسبة 13.64بالمئة، في حين انخفض البنزين بنسبة 7بالمئة، وقد شدّد البيان على أن زيادة النفقات الإدارية وضعت في أضيق الحدود بما يضمن حسن سير العمل في الجهات العامة ويحقق هدف ترشيد الإنفاق العام.
نفقات تحويلية
قدرت الاعتمادات المخصصة للنفقات التحويلية بمبلغ 106.06 مليارات ليرة، بزيادة مقدارها 6.21 مليارات ليرة، نسبتها 6.22بالمئة، حيث تركزت هذه الزيادة في المساهمات في النشاط الاقتصادي والاجتماعي والوحدات الإدارية المحلية، وكذلك الاشتراكات في المؤسسات العربية والدولية إضافة لإعانة الاتحاد الرياضي العام.
أما اعتمادات الديون والالتزامات الواجبة الأداء، فقد بلغت 1195.44 مليار ليرة بزيادة مقدارها 276.81 مليار ليرة، بنسبة 30.13 بالمئة.
وتعود تلك الزيادة في معظمها لتسديد حصة رب العمل تجاه المؤسسة العامة للتأمين والمعاشات والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، وديون الجهات العامة تجاه المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية عن عام 2015 وما قبل، بالإضافة إلى تسديد ديون الأدوية والكهرباء للجهات العامة والاعتمادات الاحتياطية للعمليات الجارية.
وذكر بيان الحكومة المالي أنه من خلال تقديرات بيانات الوزارات والإدارات والمؤسسات والوحدات الإدارية المحلية للشواغر والملاكات المتوافرة لديها وكذلك التعيينات بدل المتسربين نتيجة الظروف الراهنة، فإن مشروع موازنة عام 2020 سيعمل على تحقيق 83415 فرصة عمل جدية، منها 65474 فرصة عمل في القطاع الإداري، و17942 فرصة عمل في القطاع الاقتصادي.
الاعتمادات الاستثمارية
قدرت الاعتمادات المخصصة للعمليات الاستثمارية بمبلغ 1300 مليار ليرة، مقابل مبلغ 1100 مليار ليرة في موازنة عام 2019، أي بزيادة مقدارها 200 مليار ليرة، نسبتها 18.2 بالمئة.
وفي التفاصيل، بلغت نسبة الاعتمادات المرصدة لقطاع الكهرباء إلى إجمالي الاعتمادات الاستثمارية المرصدة في مشروع موازنة عام 2020 نحو 4 بالمئة، كما بلغت نسبة اعتمادات قطاع الموارد المائية 4.9 بالمئة، ونسبة اعتمادات قطاع الإدارة المحلية والبيئة 6.49 بالمئة، المر الذي وصفه البيان بأنه دليل على اهتمام الحكومة وحرصها على رصد الاعتمادات اللازمة لهذه القطاعات الحيوية الضرورية لتأمين الخدمات اللازمة للمواطنين وللمشاريع الاستثمارية في المجالات كافة (كهرباء- خدمات ومرافق- مياه…) والمساهمة في تأمين متطلبات الإنتاج الزراعي من خلال دعم مشاريع الري واستصلاح الأراضي، وذلك للتخفيف من وطأة الأزمة وتأمين هذه الخدمات وإيصالها لكل المواطنين.
هذا وخصص مبلغ 740.479 مليار ليرة كاعتمادات احتياطية للمشاريع الاستثمارية، يضاف للجهات العامة خلال عام 2020 في حال عدم كفاية الاعتمادات المرصدة لها، وارتفاع نسب التنفيذ لديها، ولتلبية الاحتياجات الاستثمارية للجهات العامة كافة بمرونة وعقلانية بما يتلاءم مع متطلبات وتحديات المرحلة الراهنة بالتزامن مع تطور الوضع الأمني على أرض الواقع.
كما خصص مبلغ 50 مليار ليرة لإعادة الإعمار، بغية تأهيل المنشآت العامة والمرافق والطرق التي تعرضت للتخريب، والتعويض عن الأضرار التي لحقت بالمنشآت الخاصة نتيجة للأوضاع الراهنة التي يمر بها القطر كأولوية أساسية من أولويات الحكومة في إعادة المهجرين إلى بيوتهم وتأمين السكن لهم.
وتم رصد مبلغ وقدره 5 مليارات ليرة لرؤوس الأموال العامة في سبيل دعم العملية الاستثمارية وزيادة الإنتاج.
كما بلغ إجمالي الاعتمادات المرصدة للخدمات الصحية كافة في مشروع موازنة عام 2020 نحو 301.91 مليار ليرة، أي بنسبة 7.55 بالمئة من إجمالي اعتمادات الموازنة، في حين بلغ إجمالي الاعتمادات المرصدة للخدمات التربوية كافة 328.34 مليار ليرة أي بنسبة 8.2 بالمئة من إجمالي اعتمادات الموازنة، كما بلغ إجمالي الاعتمادات المرصدة لخدمات التعليم العالي 69.65 مليار ليرة أي بنسبة 1.74 بالمئة من إجمالي اعتمادات الموازنة.
وفي النتيجة، شكلت الاعتمادات المرصدة للخدمات الاجتماعية من صحة وتربية وتعليم عالٍ ما نسبته 17.50 بالمئة من إجمالي اعتمادات الموازنة.
انخفاض الإيرادات!
قدّرت الإيرادات العامة في مشروع موازنة عام 2020 بمبلغ 2546 مليار ليرة، بانخفاض 13.3 بالمئة عن إيرادات العام 2019، وهي المرة الأولى التي يتم فيها انخفاض الإيرادات العامة المقدرة منذ العام 2013.
وفي التفاصيل، تم تقدير الإيرادات النفطية (من فوائض اقتصادية وحق الدولة) انطلاقاً من اعتماد سعر برميل النفط في مشروع موازنة عام 2020 بواقع 63 دولاراً أميركياً للبرميل من النفط الخفيف و56 دولاراً أميركياً للبرميل من النفط الثقيل، وإن أي تغيرات في هذه الأسعار المعتمدة تنعكس على إيرادات مشروع موازنة عام 2020 وبالتالي على العجز المقدر في الموازنة، كما تم اعتماد سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية بـ435 ليرة للدولار في مشروع موازنة عام 2020.
وفيما يخص تحليل مكونات الإيرادات العامة، فقد قدرت الإيرادات الجارية في مشروع موازنة عام 2020 بمبلغ 1430.87 مليار ليرة، مقابل مبلغ 1881.60 مليار ليرة في موازنة عام 2019، بانخفاض وقدره 450.73 مليار ليرة، ما نسبته 23.95بالمئة، نتيجةً لعدم إدراج فروقات أسعار المشتقات النفطية خلال عام 2020 والمقدرة بحوالي 1054 مليار ليرة، في حين قدرت عام 2019 بمبلغ 774.73 مليار ليرة، والاحتفاظ بها لدى شركة محروقات، وهو إجراء أكثر اقتصادية وعلمية، بحسب البيان.
في المقابل، زادت الإيرادات المقدرة من الضرائب والرسوم في مشروع موازنة عام 2020 بالمقارنة مع موازنة عام 2019 بنسبة 44.12 بالمئة، ويعود ذلك إلى التحسن في مستوى النشاط الاقتصادي، وبدء عودة عجلة الإنتاج تدريجياً، والإصلاحات المتوقعة والتي يتم العمل عليها في النظام الضريبي خلال عام 2020 متضمنةً ضريبة البيوع العقارية المعتمدة على القيمة الرائجة للعقارات، والضريبة على المبيعات، والضريبة الموحدة على الدخل، وإعادة النظر بباقي التشريعات الضريبية لتحسين مستوى العدالة الضريبية، إلى جانب زيادة الوعي الضريبي، وتحسين كفاءة الإدارة الضريبية.
حقوق الدولة
تمثل الإيرادات العامة الاستثمارية وحقوق الدولة فائض الموازنة المقدّر، وفائض السيولة المقدّر للجهات العامة ذات الطابع الاقتصادي، وحقوق الدولة من عائدات النفط، وقد قدرت هذه الإيرادات في مشروع موازنة عام 2020 بمبلغ 1113.73 مليار ليرة مقابل 1040.41 مليار ليرة في موازنة عام 2019، أي بزيادة مقدارها 58.925 مليار ليرة، بنسبة 5.59 بالمئة، نتيجةً للزيادة في الإيرادات الاستثنائية الأخرى (حق الدولة) وفي فوائض البلديات، والزيادة في إيرادات الفنادق وذلك بسبب تحسن الظروف الأمنية وتشجيع السياحة الداخلية، وبدء عجلة الإنتاج بالدوران الأمر الذي انعكس إيجاباً على إجمالي الإيرادات الاستثمارية المقدرة في مشروع موازنة عام 2020.