ربما هي المرة الأولى التي يشير فيها رئيس حكومة إلى فرضية وجود مافيات في مؤسسات حكومية!
لقد قالها رئيس الحكومة المهندس خميس خلال اجتماعه باتحاد الحرفيين : لن نسكت عن وجود مافيا في أي مؤسسة حكومية!
ولو عدنا إلى الماضي البعيد فقد أكد وزير سابق خلال استجوابه في مجلس الشعب في نهاية ثمانينات القرن الماضي إلى وجود مافيا للتهريب في سورية!
أكثر من ذلك أشارت”البعث” مرارا وتكرارا إلى مافيات في بعض المؤسسات الحكومية تشفط المليارات من جيوب المواطنين ومن خزينة الدولة!
قد تطالب الجهات المسؤولة وبخاصة أجهزة الرقابة عن أدلة تؤكد وجود مافيا في مكان ما لتتمكن من ملاحفتها ومحاسبتها ..
حسنا .. سبق لنقابة عمال النفط أن أشارت إلى وجود مافيا للمحروفات ، ومع ذلك لم تتحرك أي جهة للتحقيق في الموضوع !
كما كشف المصرف المركزي عن “مافيا” استوردت المازوت وباعته بسعر باهظ وشفطت المليارات دون ان تدفع قرشا واحد لخزينة الدولة ، ومع أن المصرف زود وزارة المالية بالوثائق لتقوم بتحصيل مستحقاتها من الضرائب فإن الوزارة لم تحرك ساكنا !!
أكثر من ذلك كشف مسؤول في وزارة التجارة الداخلية عن وجود مافيا تقوم بتهريب الدقيق التمويني وبأن الوزارة تحقق في الموضوع .. لكن مرت سنوات دون أن تكشف لنا وزارة التجارة عن عنصر واحد في مافيا الدقيق والدليل استمرار التهريب في كل المحافظات .. يوميا!!
صخيح أن أجهزة الرقابة تضبط كميات هائلة من الدقيق المهرب لكن الملفت أن مافيا التهريب لم تُضبط حتى الآن .. فلماذا؟
وأخطر أنواع الفساد هو الفساد الذي يمارسه “المحترفون” وفق التشريعات النافذة !
وقد أشارعضو مجلس شعب مؤخرا إلى (عشرات التشريعات الضريبية التي تتضمن أبوابا واسعة للفساد لأنها تسهل للتجار ورجال الأعمال أن يتهربوا ضريبياً، وأن يدفعوا للخزينة ما يشاؤون) !
ألا يعني هذا أن الجهة المعنية غير جادة بمحاسبة الفساد وخاصة إذا كان المرتكبون من المافيات أو من كبار حيتان المال!
وحجم الفساد هنا كبير جدا فقد كشف رئيس الجهاز المركزي للرقابة المالية بأن (المبالغ المالية المسترد ة خلال عام 2018 قد بلغت ما يعادل /11.42/ مليار إضافة إلى 750 ألف دولار أمريكي و254ألف يورو) !
أما التهريب .. فكل المؤشرات تؤكد وجود أكثر من مافيا للتهريب أو هناك مافيا مركزية تدير المافيات الفرعية !
وهاقد مرت عدة عقود دون أن تكلف الجهات المختصة اهتماما جديا للقبض على رؤوس مافيات التهريب .. فلماذا؟
ومن الطبيعي أن تطلب الجهات الرقابية أدلة وبراهين عن وجود مافيا في مكان ما أو بوجود خلل في إحدى المؤسسات الحكومية!
حسنا .. السؤال : ما مصير من يكشف عن الخلل أو عن أحد عناصر المافيات؟
الأمثلة ليست مشجعة بل محبطة جدا !
بدلا أن يُكافأ من يكشف عن الخلل فإنه يعاقب إذا كان من العاملين في الدولة بتجميده أو بنقله إلى مكان لايحتاجه أحد فيه أو بالتجاهل إذا كان مواطنا عاديا!
وهذا ماحصل مثلا مع الذي اكتشف فقدان 800 سيارة حكومية لأنها غير مسجلة في القيود الرسمية ، فبدلا من محاسبة المسؤولين تم إعفاء المكلف بالتحقيق ونقله إلى وزارة أخرى بلا عمل!!
ولا نستغرب العقاب ولا التجاهل لأن عدم الإهتمام بمعلومة كشفتها نقابة عمالية وترقى إلى مرتبة البلاغ إلى النائب العام فإن هذا مؤشر أكثر من خطير!!
وبما أن مامن جهة اهتمت باعتراف مسؤول في وزارة التجارة الداخلية عن وجود مافيا للدقيق التمويني فإن هذا يعني أن الأدوات المتاحة لمكافحة مافيات الفساد التي تشفط المليارات اما غير موجودة أو مجمدة أوغير فعالة .. فلماذا؟
علي عبود ـ البعث
شاهد أيضاً
الموافقة على إدراج بعض الأنشطة الزراعية ضمن أحكام قانون الاستثمار
استعرض المجلس الأعلى للاستثمار خلال اجتماعه اليوم برئاسة المهندس حسين عرنوس رئيس مجلس الوزراء واقع …