خاص – سيرياستيبس :
كتب : زياد غصن
مدير عام مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر بدمشق .
خرجت خلال سنوات الحرب كثير من الأموال، بعضها اتجه نحو مصارف الدول المجاورة، وبعضها الآخر استثمر في تأسيس مشروعات صناعية وسياحية وخدمية متنوعة في دول قريبة وبعيدة…وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها أو تجاهلها اليوم…
حجم هذه الأموال بقي غامضاً، وإن كانت بعض التقديرات والمؤشرات المتداولة تحدثت عن وجود مليارات من الدولارات مودعة في مصارف هذه الدولة أو تلك، فضلاً عن البيانات الإحصائية الصادرة عن هيئات ومديريات الاستثمار في بعض الدول كمصر والأردن وتركيا، والتي كانت ترصد واقع الاستثمارات الخارجية في تلك الدول… وغالباً ما كانت استثمارات السوريين في الصدارة.
في المقابل لم تتوقف المؤسسات الرسمية والفعاليات الاقتصادية الخاصة عن دعوة أصحاب تلك الأموال والاستثمارات للعودة بها إلى سورية، والرغبة بتسهيل وتنفيذ كل ما من شأنه تحقيق هذا الهدف…
لكن عملياً لايزال هناك جزءاً كبيراً من هذه الأموال موجوداً في الخارج لسبب من الأسباب… قد يكون ذاتياً خاصاً بوضع معين لهذا المستثمر أو ذاك، وقد يكون عاماً يتعلق بالبيئة الاستثمارية في سورية، وإجراءات أخرى معينة…
اليوم هناك حاجة وطنية ملحة لعودة تلك الأموال واستثمارها في عملية إعادة بناء البلاد، وتنشيط القطاعات الاقتصادية الوطنية، الأمر الذي يفرض علينا التفكير بعقلية أخرى لإعادة استقطاب تلك الأموال والاستثمارات، فالطريقة الحالية لم تعد مجدية…
وأقصد هنا طريقة التعاطي العام القائمة إما على الدعوات الإعلامية، وإما على زيارات الوفود التجارية والاقتصادية، في حين أن العقلية الجديدة تفرض ضرورة التواصل الشخصي المباشر مع كل مستثمر ورجل أعمال، وفتح حوارات ونقاشات ستكون مجدية وغنية بالمقترحات لضمان عودة الأموال المهاجرة…
إنما… هل هناك جهات عامة أو خاصة سعت خلال السنوات الأخيرة للتعرف على أسماء المستثمرين ورجال الأعمال الذين اضطروا لأسباب اقتصادية إلى مغادرة البلاد؟ وهل هناك معلومات عن أصحاب الودائع الكبيرة الموجودة في مصارف الخارج؟.
لا أعتقد أن هذا متوفر حالياً، وما هو موجود لا يتعدى بيانات قليلة وغير مكتملة… وربما تكهنات أيضاً.
لذلك المهمة الأولى تتمثل في ضرورة سعي الفعاليات الاقتصادية العامة والخاصة بالتعاون مع السفارات السورية في الخارج لتكوين قاعدة بيانات للمستثمرين السوريين المنتشرين في المنطقة، وتحديثها باستمرار…
أما المهمة الثانية فهي في تشكيل لجان تواصل مع المستثمرين الموجودين في الخارج، بحيث تكون هذه اللجنة مخولة بصلاحيات وإمكانيات واسعة، وتتعامل بكل جدية ومسؤولية وطنية مع هذا الملف، مع مراقبة وتقييم دائمين لعمل هذه اللجان…وإلا… فإن استمرار العمل بالطريقة الحالية لن يجدي نفعاً، لاسيما وأن هناك العديد من الحكومات والدول تضغط على المستثمرين ورجال الأعمال السوريين للحيلولة دون عودتهم بأموالهم إلى بلادهم.