الدكتور عامر وجيه خربوطلي
مديرعام غرفة تجارة دمشق
خلال الأزمة العالمية الكبرى التي اجتاحت العالم الرأسمالي وسميت (الكساد الكبير) خلال الفترة من (1929- 1936) ظهرت أفكار اقتصادية عديدة لمعالجة هذه الأزمة كان في مقدمتها وأبرزها ما قدمه اللورد (جون ماينارد كينز) الاقتصادي الانكليزي المتفرد وصاحب الشهرة الأوسع في عالم الاقتصاد ومؤسس النظرية الكينزية التي عرضها في كتابه الأشهر (النظرية العامة في العمالة والفائدة والمال) ولسنا هنا في عرض أفكار كينز جميعها لأنها تحتاج لأحاديث أربعاء عديدة ولكن ما سنركز عليه في هذا الحديث هو أهمية التدخل الحكومي في حالات عديدة ومطلوبة وبخاصة عند الأزمات وهو يرى أن اقتصاد السوق بشكله الطبيعي لا يملك آليات كافية تقوده تلقائياً لاستغلال كامل الموارد المتاحة ومن هنا تتواجد احتمالية حدوث بطالة لا إرادية ومضى تفكير كينز بقواعد الاقتصاد الكلي للعرض العام والطلب العام فالإنتاج والعمالة تعتمدان على التكلفة فإذا لم يكن الطلب مرضياً فالشركات لن تنتج بشكل كاف ولن توظف كل العاملين ومن هنا على الحكومة أن تقود سياسات لدعم الطلب أي أن تدعم الاستهلاك أو الاستثمار.
نتوقف عند هذا الحد من نظرية (كينز) الكبيرة والمتشعبة والعميقة لنسقط هذه الأفكار على دور الحكومة في تنشيط الطلب على أسهم سوق دمشق للأوراق المالية التي تعاني منذ بداية الأزمة التي مرّت بها سورية منذ عام 2011 من تراجع مستمر في قيمة الأسهم وحجم التداول وهناك تراجع مستمر أيضاً في مؤشر هذا السوق لأنه بكل بساطة لا يمثل الاستثمار في الأسهم ميزة مغرية لأصحاب رؤوس الأموال سواءً الكبيرة أو الفردية الصغيرة واعتماداً على قاعدة أساسية ومهمة وهي أن أي اتجاه تصاعدي لأسعار الأسهم في السوق سوف يقود لموجة تالية من عمليات الشراء مما يساعد في إقبال جديد لشراء الأسهم لتعود الأسهم للارتفاع مرة أخرى مما يجعل هذه السوق نقطة جذب استثمارية تكون بديلاً عن المضاربة في الدولار والذهب والعقارات لأنها أصلاً الأكثر سيولة وضماناً.
وفي حال قامت الحكومة أو مؤسسات أو صناديق استثمارية تابعة لها بشراء أسهم من هذه السوق لتقود هذا الاتجاه الصعودي فإنها سوف تساهم من خلال هذا التدخل في انزياح الاستثمار نحو الأسهم وفقدان أهمية المضاربة بالدولار الذي يشهد اليوم إقبالاً محموماً غير مسبوق وتصبح الأسهم مخزناً للقيم بالعملة المحلية بدلاً من المخازن الأخرى وهنا تتحقق مصلحة الاقتصاد والمستثمر والفرد العادي بآن معاً .