دمشق ـ الثورة
كل قضية يتم تحقيقها وكل ليرة يتم تحصليها وكل خاصرة تهريبية يتم قطع شريانها سيكون لها وقعها الإيجابي وصداها الكبير على الخزينة العامة للدولة والاقتصاد والصناعة الوطنيتين، وأصحاب الزنود السمراء التي لم يرهبها إجرام
المجموعات المسلحة «قتلاً وحرقاً وتدميراً وخطفاً وسرقة ..»، كما لم تثن العقوبات الاقتصادية الجائرة والحصار الجائر من عزيمتها على المضي قدماً في طريق الإنتاج «محلياً وتصديراً».
هذه هي الكلمات المفتاحية لخطة التحرك الجديد الذي بدأت المديرية العامة للجمارك برسم خطوطها العريضة والمباشرة «خلال ساعات» بتنفيذها وفقاً لخارطة الطريق الجديدة التي تم رسمها للمرحلة القادمة من حملة مكافحة التهريب التي ستشمل كامل المساحة الجغرافية السورية وجميع المهربين على اختلاف قضاياهم وحجم وقيمة مهرباتهم التي لا غاية لها ولا هدف منها إلا تخريب الاقتصاد الوطني الذي مازال صامداً وقوياً كالصخرة المنيعة في وجه رياح الإرهابي والفاسد والمهرب.
الخطة الجديدة التي حملت موافقة مجلس الوزراء واللجنة الاقتصادية ووزارة المالية نصت على فرض طوق جمركي «من العيار الثقيل جداً» على محيط المدن ومداخلها الرئيسية والفرعية وصولاً إلى سراديبها التي كان المهربون يتسللون منها خلسة مع مهرباتهم، لقطع الطريق باتجاه المحال والمتاجرة والمستودعات والأقبية المظلمة.
المرحلة الأولى من هذه الإستراتيجية تم ترجمتها خلال الساعات القليلة الماضية حقيقة على أرض الواقع من خلال قيام المديرية العامة للجمارك بنشر دورياتها على كامل محيط مدينة دمشق، في خطوة باتجاه ضبط المهربين قبل دخولهم إلى أسواق وأحياء المدينة، ومنعهم من إيصال مهرباتهم إلى الوجهة التي سبق الاتفاق عليها مع التاجر والصناعي والبائع الذين لا هم لهم ولا اهتمام إلا تحقيق أكبر منفعة ممكنة بأقل نفقة ممكنة ولو كان هذا الأمر مضر باقتصاده الوطني.
هذا التحرك المدروس «اقتصادياً وصناعياً وزراعياً واجتماعياً وصحياً بعناية» لا يتعارض لا من قريب أو حتى بعيد مع الجزء الخاص بخطة عمل المديرية العامة للجمارك بملاحقة وضبط المواد المهربة في المستودعات والمعامل والمصانع الواقعة داخل المدن والمناطق والقرى والبلدات، أما أهم ما يميز هذه التحرك فهو رفع سقف صلاحيات المديرية واتخاذ كل ما شأنه وبعيداً كل الخطوط الحمراء لضرب وتجفيف ومصادرة كل المواد المهربة أينما وجدت ومع أي شخص كان، وذلك في خطوة متممة ولاحقة لحملة سورية خالية من التهريب من المواد التركية وغيرها.
وفي التفاصيل فقد تم نشر الدوريات الجمركية وتوزيعها بالشكل الذي أصبح معه توسيع مظلة العمل لتغطي كافة النطاق الجمركي، وبالتالي ضبط وقمع التهريب بكل أشكاله عبر الحدود والمنافذ الحدودية «البرية والبحرية والجوية وصولاً إلى اللا شرعية منها»، مقابل تقديم كل أشكال التسهيلات للسيارات الشاحنة الكبيرة والصغيرة الناقلة للبضائع النظامية المجمركة داخل المدن من مستودعات التجار إلى محالهم، كل ذلك في سبيل المحافظة على حقوق الخزينة العامة للدولة وعدم تفويت ولو قرش واحد عليها، يضاف إلى ذلك الأخذ بعين الاعتبار أن عملية ضبط المواد المهربة دقيقة لكنها ليست مستحيلة كونها تقوم على الإخبار والتدقيق والملاحقة وتقفي أثر المهربين وإلقاء القبض عليهم ليس في مقراتهم فحسب وإنما أيضاً أثناء عملية النقل أو التسليم، فالقوانين والأنظمة والتعليمات الخاصة بآلية عمل المديرية هي التي شرعت الأبواب داخل المدن وخارجها في المحال والمستودعات والأقبية والمولات وعلى الطرقات لضبط كل ما هو مخالف لقوانين الاستيراد والتصدير، فالمديرية العامة للجمارك التي تعمل وعلى مدار الساعة وبأصعب الظروف المناخية والأمنية تعمل ليس فقط لحماية الاقتصاد الوطني وإنما للدفاع أيضاً عن التاجر والصناعي والفلاح والطبيب.. ممن يحاول الإضرار بعمله من خلال نقل منتج فاسد إليه أو غير صالح للاستخدام أو غير معروف المصدر أو المنشأ، فقانون الجمارك الذي وضع ليس فقط لقمع واجتثاث والقضاء ومحاربة التهريب، وإنما لمكافحة الفساد بكل أشكاله وفي كل مفصل من مفاصل عمل المديرية التي تحارب التهريب بيد والفساد بالبيد الأخرى، وهذه حقيقة واقعة فأبواب وزارة المالية والمديرية العامة مفتوحة على مصراعيها لاستقبال كل من لديه معلومات ووثائق وأدلة دامغة على تورط أي عنصر، والتحقيق فيها وإحالتها بعد ثبوت صحتها ومصداقيتها إلى القضاء المختص لينال العقوبة التي يستحقها فالشريك والمتدخل والمخفي والمحرض كما الفاعل تماماً، وهذا ما تم تشميله ضمن مسودة قانون الجمارك «قيد النقاش» الذي سيكون عصرياً بكل ما للكلمة من معنى ويعطي لكل ذي حق حقه «معاقبة المهرب والفاسد على حد سواء وتكريم المخلص والوطني والناجح».