تونس – إيمان الحامدي
يكثّف رجال الأعمال في تونس ضغوطهم على البرلمان من أجل كسب امتيازات ضريبية لمصلحة المؤسسات العام القادم بعد شروع مجلس النواب في مناقشة مشروع الموازنة لسنة 2020، قالت الحكومة إنها استثنائية، نظراً لتزامن إعداد الموازنة مع الانتخابات التشريعية والرئاسية التي جرت في البلاد بين شهري سبتمبر/ أيلول وأكتوبر/ تشرين الأول الماضيين.
وبالإضافة إلى موقف منظمة اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية من مشروع الموازنة الذي وصفته بغير المشجّع على الاستثمار، تطالب قطاعات أساسية في الاقتصاد، على غرار التطوير العقاري، بتدخلات استثنائية من أجل إنعاش القطاعات التي أنهكتها الجباية السنوات الماضية.
وقال رئيس غرفة المطورين العقاريين، فهمي شعبان، لـ”العربي الجديد”، إن الحكومة لم تأخذ بالاعتبار مجمل المقترحات التي رفعتها القطاعات الاقتصادية قبل إعداد الموازنة، مشيراً إلى أن الموازنة خالية من أيّ آليات تحفيزية للقطاعات التي تمرّ بصعوبات، ولا سيما التطوير العقاري.
وأضاف شعبان أن القطاع الخاص طالب باسترجاع المؤسسات مستحقاتها المادية المتأخرة بذمة الحكومة من فوائض الضرائب حتى يتولى ضخها في استثمارات جديدة، غير أن هذه الأخيرة لم تستجب لهذا المطلب، وفق قوله.
وأكّد شعبان أن المطورين العقاريين قدموا للحكومة مقترحات أخرى، منها إلغاء الأداء على القيمة المضافة بالنسبة إلى التجهيزات والمعدات المستوردة لتخفيف العبء على المستثمر. وأضاف: واقترحوا التّخلي عن خطايا التّأخير في قطاع الأشغال العامّة والسّكن، علاوة على تحسين القدرة الشرائية عبر ضبط نسبة فائدة ثابتة لقروض السكن حتى لا تتأثر القروض بزيادة نسبة الفائدة المديرية، لافتاً إلى أن قانون الموازنة المعروض على البرلمان جاء خالياً من كل نفَس تحفيزي ومحبط للمستثمرين وفق قوله.
ودعا شعبان إلى ضرورة رفع العراقيل أمام الأجانب لاقتناء مسكن في البلاد التونسية، بما يساهم في تنشيط القطاع الذي يمكن أن يتحوّل إلى مصدر مهم لجلب العملة الصعبة إلى تونس.
وكان رئيس الاتحاد التونسي للصّناعة والتجارة والصّناعات التّقليدية (منظمة رجال الأعمال)، سمير ماجول، قد قال الأسبوع الماضي إنّ مشروع قانون المالية لعام 2020 “غير مشجع على الاستثمار، داعياً إلى ضرورة تكريس نظام جبائي محفّز على الاستثمار والتّصدير وخلق الثروات ومواطن الشغل”.
وانتقد رئيس منظمة رجال الأعمال، تزامن إعداد قانون المالية مع الاستحقاقات الانتخابية، التي أثّرت بإعداد مشروع هذا القانون، داعياً إلى ضرورة الفصل بين فترة تنظيم الانتخابات وتلك التي تجري خلالها صياغة مشروع قانون المالية، حتّى تتولى كل حكومة جديدة إعداده بنفسها.
كذلك انتقد رجال الأعمال الإجراءات الخاصة بالجباية المفروضة على المؤسسات الاقتصادية في القطاع الخاص، ودعوا في إطار التّشجيع على الاستثمار، إلى إعفاء أرباح المؤسسات التي يعاد توظيفها للاستثمار من الجباية.
بدورها، انتقدت منظمة المزارعين غياب أي صنف من الامتيازات للمزارعين، معتبرة أن قانون المالية للعام القادم سيعمّق من أزمة نحو 500 ألف فلاح تونسي يشكون من شطط أسعار المحروقات ومدخلات الإنتاج من أسمدة وآلات ميكانيكية في غياب تام للمساعدات الحكومية أو خطوط التمويل التي تسهّل حصولهم على تمويلات لتنشيط الاستثمار في القطاع.
وقال عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الفلاحة والصيد البحري، محمد رجايبية، إن قانون المالية لم يحمل أي حلول لأزمات الفلاحين، مرجّحاً توسّع أزمة المنظومات الزراعية العام القادم، في حال الزيادة في أسعار المحروقات.
وأضاف رجايبية في تصريح لـ”العربي الجديد” أن القانون لم يعالج القضايا الكبرى الخاصة بمنظومات الإنتاج والمديونية والتمويل، مؤكداً أن المسؤولين وعدوا بترحيل مطالب المزارعين إلى قانون المالية الذي ستراجعه الحكومة القادمة في إطار مشروع مالية تكميلي، وفق تأكيده.
ولم يحمل مشروع قانون موازنة تونس للعام المالي المقبل 2020 أي زيادة في الضرائب على الأفراد والشركات، بالرغم من التقديرات التي وضعتها الحكومة للعائدات الضريبية، والتي تتوقع زيادتها بنسبة 9.2 في المائة عن تقديرات العام الجاري.
واختارت حكومة يوسف الشاهد، التي تحولت إلى حكومة تصريف أعمال، إعداد مشروع موازنة مخففة من الضرائب، تاركة مسؤولية تعديل الموازنة للحكومة والبرلمان القادمين، بحسب خبراء اقتصاد.
وأشارت مسودة الموازنة، التي بدأ البرلمان بمناقشتها في إطار لجنة وقتية إلى أن المداخيل الجبائية (الإيرادات الضريبية) للعام المقبل ستكون في حدود 31.7 مليار دينار (11.1 مليار دولار)، بزيادة 2.67 مليار دينار، عن التقديرات التي رصدتها الحكومة لعام 2019.
وتواجه الحكومة التونسية أزمات مالية حادة أدت إلى زيادة أعباء الديون. وتشير الأرقام الواردة في مسودة مشروع الموازنة، إلى أن تونس ستسدد ديوناً بقيمة 11.6 مليار دينار، موزعة بين 7.9 مليارات دينار دين أصلي (2.8 مليار دولار)، و3.7 مليارات دينار (1.3 مليار دولار)، فوائد على الديون.