فرض المؤونة على المستوردين .. زاوية واضحة لارتفاع التكاليف وبطء العمل ؟
دمشق – سيرياستيبس :
رغم أن أكثر من مسؤول حكومي رفيع حرصوا على الدفاع عن قرار المؤونة الذي يوجب على المستورد إيداع 40 % من قيمة أي إجازة استيراد وقاموا بشرحه مليا وكان أخرهم وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية ..
إلا ان ثمة رأي مشترك بين المستوردين والتجار والصناعيين وحتى الباحثين الاقتصاديين بأن القرار في هذا التوقيت لم يكن إلا مضيعة للوقت والمال وعرقلة للعمل وسرعة انجازه ..ويؤكد كثيرون أن الاستيراد و التمويل يعانيان العديد من المشاكل الداخلية والخارجية .
فعند انجاز عملية الاستيراد أول ما تظهر العقوبات الظالمة على سوريا بتأثيراتها العميقة والمباشرة ..
فالعقوبات تجعل هناك الكثير من الصعوبات في نقل البضائع الى موانئ متعددة لتفاديها وبالتالي الالتفاف على العقوبات وهذا يؤدي الى تكاليف إضافية وزيادة في عمولة شركات التأمين على البضائع باعتبار سورية بالنسبة لهم منطقة خطرة ولايستطعون العمل أو الافصاح عن العمل لصالح بضائع تورد إليها .
العقوبات ترفع مباشرة من تكاليف الاستيراد الى سورية والأهم أنها خلقت حالة من المخاطر بأعلى مستوياتها ما يجعل الاستيراد اليها احيانا ضربا من المغامرة بكل ما تحمله الكلمة من معنى .
اليوم و بالإضافة لانعدام التسهيلات الائتمانية فمعظم الشركات المصدرة تطلب ثمن كامل البضاعة قبل الشحن وعند فتح الاجازة ، أما عمليات التحويل المالية فهي المشكلة الكبرى والأهم , فكما هو معروف جميع بنوك العالم ترفض التحويل لأي شركة سورية وبالتالي يلجأ التجار السوريين الى شركات الصرافة والتحويل بأسماء وهمية للالتفاف على العقوبات ، وهذا يكلفهم عمولات كبيرة جدا ومخاطر كبيرة من فقدان هذه الحوالات ،
عدا عن العمولات الكبيرة ننتجه تغير العملات من دولار الى يورو ليتم استلامها من الشركات الموردة لأنها ترفض الاستلام بالدولار على اعتبارأنّها شركة سورية . كل ذلك يشكل طرفا مهما في عملية الاستيراد طرف يكلف المستورد الكثير من الأموال والمخاطر وهو ما يجب أن يعرفه الجميع .. نحن هنا لانحاول الدفاع عن المستوردين بل نحاول أن نضعكم في صورة ما يتكبدونه من مخاطر تستوجب من الجهات المعنية أخذها بعين الاهتمام والجدية على الأقل وهذه الجهات تفرض مؤونة 40 % لايداعها في الجهاز المصرفي السوري عند كل اجازة استيراد بما يمكن أن تستغرقه من وقت وبالتالي من تجميد لجزء مهم من رأس المال .
أما إذا أردنا الحديث عن التمويل ونحن هنا نجري تقاطعا بين مجموعة من الأراء .
فمعظم الناس يعتقدون أن هناك تمويل بسعر 438 ليرة للدولار الواحد وهو السعر الرسمي وغالبا ما يتم حساب البضائع على هذا الاساس ولكن الواقع مختلف عندما نعلم أنّ المصارف السورية لا تقوم بعملية تمويل الإجازة إلا بعد فترة طويلة جدا تصل الى أشهر للحوالات الكبيرة وعندها سوف تأتي اجازات اخرى لنفس المادة وتنتظر في الطابور وهكذا ..
وهنا يمكن أن نقدم مثالا لنشرح ما نحاول أن نقوله : إحدى الاجازات يمتد تمويلها لمدة 3 اشهر وبهذه الاثناء تم ورود 10 شحنات فكيف يتم التمويل ؟ وعلى أي أساس يتم حساب الأسعار ؟ ويمكن أن تمول هذه الشحنة ام لا ؟ وحيث يمكن أن يمتد التمويل لعدة اشهر. وهنا نسأل كيف يتم تجميد رأس مال هذه الشحنات لعدة شهر أو لسنة على الأقل , طبعا هذا غير ممكن عمليا لأن حلقة الاستيراد يجب ان تكتمل باستلام الأموال بسرعة لإرسالها الى الشركات المصدرة لاستراد الشحنات التالية وهكذا . اما قيمة التحويل للمواد التي تمول لا يتم الا عن طريق شركات صرافة بعينها وتتقاضى عمولات كبيرة جدا بين 35الى 40% من قيمة المبلغ بالإضافة الى تسليم 15% من البضاعة بسعر التكلفة الى السورية للتجارة على سعر المركزي بدون حساب العمولات والمصاريف . وبعد القرارات الجديدة يجب على المستورد عند فتح الاجازة ان يودع 25 % من قيمة الاجازة في البنك ويجمده لمدة شهر وان يودع 15%من قيمة الاجازة ويجمدها لحين استلام البضاعة ( تقريبا 3 اشهر ) .
فقط علينا أن نتخيل حجم الاموال التي سوف يجمدها المستورد لاستراد أي مادة ابتدأ من فتح الاجازة لحين ورود البضاعة والتحويل الذي يمتد لعدة اشهر وخاصة للمواد الغذائية التي تتطلب استيراد كميات كبيرة وخاصة ان التضخم المستمر سوق يرتب خسائر اضافية عند استراجع هذه المؤونات .
لذلك فان معظم المستوردين عزفوا عن التمويل وخفضو من حجوم استيرادهم لعدم مقدرة معظم التجار على المحافظة على نفس حجم الاستيراد لعدم توفر السيولة الكافية بسبب تجميد رأس المال لفترات طويلة وبالتالي سينعكس سلبا على تواجد البضائع في الاسوق .
دوافعنا لكتابة هذه السطور ليس لمهاجمة قرار وزارة الاقتصاد ولا من باب التأييد لأرباح المستوردين ولاحقا التجار وإنما لربما محاولة لإضاءة زاوية ما من واقع الاستيراد قد تكون نتيجته شح المواد وبالتالي احتكارها وارفاع سعرها فماذا نكون فعلنا حينها .
العملية الاستيرادية يجب أن تتم صياغتها بما يلبي احتياجات السوق دون الجنوح نحو السلع الكمالية طبعا بالتوازي مع وقف التهريب .
اليوم نحن معنيون بتوفير السلع الرئيسية بأقل التكاليف ودون تعقيدات ، لأن مصلحة الجميع هي في توفر المواد وعدم انقاطعها والتخفيف من حلقات التعقيد والاضطرار لرفع أسعارها .
أخيرا قد يبدو قرار وزرة الاقتصاد صحيحا لكن هل ظرفه صحيح ، هذا ما كنا نحاول التأكد منه ؟
شاهد أيضاً
الموافقة على إدراج بعض الأنشطة الزراعية ضمن أحكام قانون الاستثمار
استعرض المجلس الأعلى للاستثمار خلال اجتماعه اليوم برئاسة المهندس حسين عرنوس رئيس مجلس الوزراء واقع …