صاحبة الجلالة _ #ماهر_عثمان
طمعا بحجز دور مبكر للحصول على جرة غاز افترش عدد من الرجال والنساء الرصيف في الساعة الواحدة والنصف ليلا أمام أحد مراكز توزيع الغاز والبرد يكاد يقتلهم ما دفع بعضهم للمشي ذهابا وإيابا للحصول على بعض الدفء.. هو مشهد استوقفني كثيرا وأنا عائد من عملي أول أمس.. منظر فرمل ذاكرتي عند حادث تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي حول وفاة مسن وهو ينتظر دوره على الغاز.
والغير منطقي في تلك المشاهد والصور هو أن المسؤولين دأبوا طيلة شهر على تقديم وعود على وسائل الاعلام أكدوا فيها أن الأزمة ستحل بعد أيام أو في بداية الأسبوع أو في نهايته ليكون مصير تلك الوعود الفشل في حل أزمة تتكرر كل عام.. إذا هؤلاء فاشلون.. والاحتفاظ بهم ليس له مبرر إلا إذا كنا نريد لهذه الأزمات أن تستمر.. ففي 14 الشهر الجاري خرج وزير النفط والثروة المعدنية علي غانم وبشر السوريون عبر شاشة الفضائية السورية بأن أزمة الغاز المنزلي والكهرباء ستحل خلال أيام ليظهر في 22 الشهر الجاري مدير عمليات الغاز في وزارة النفط والثروة المعدنية أحمد حسون ويصرح لإذاعة “شام إف إم” بأن أزمة الغـاز إلى زوال خلال أسبوع ليعود مجددا أول أمس ويعد السوريين من خلال صحيفة تشرين بانتهاء الأزمة خلال أسبوع.
وبالعودة إلى خبر وفاة ذلك المسن وسواء اعتبرناه صحيحا ام لا علما أننا لا نتبنى الخبر لأنه قد يكون أو لا يكون.. وبمشاهدة تلك الطوابير نقول.. ألا يجب أن يكون هناك احترام لهؤلاء الناس..؟ وألا يجب ان يدفع المسؤولون في وزارة النفط ثمن ما يجري من ازدحام وما يترتب عليه من إهانة وتضييع لوقت الناس من أجل الحصول على مادة ليست قابلة للاستغناء عنها لأنه لا يوجد بديل عنها بالمطلق ولاسيما بعد “وعود خلبية” من قبل المعنيين طيلة شهر كامل.
وما يثير الاستغراب في الأمر أنه في الوقت الذي يحقق فيه الجيش العربي السوري تقدما واسعا وانتصارات كبيرة في ظل ظروف قاسية جدا يعيشها الجندي السوري من أجواء وأحوال طقس وظروف عامة .. نجد مسؤولين يعملون في ظروف ليست بتلك الصعوبة ومع ذلك يفشلون في تأمين مادة ضرورية للناس في حين ورغم كل الظروف والصعوبات كان عليهم أن يجدوا حلول لأزمات متكررة.
ومما سبق نوضح أن إدارة الأزمات تتطلب من المسؤولين اعتماد منهجية علمية للتصدي لتلك الأزمات والخروج بأقل الخسائر والأضرار ومن ثم التخطيط الحسن والتنظيم وابتكار حلول ناجعة تمنع حصولها في المستقبل لا الاكتفاء بتكرار الحلول السابقة التي أثبتت فشلها في معالجة أزمة أصبحت مزمنة من كثرة التكرار.
فعلى سبيل المثال تلك الطوابير من المواطنين التي نراها اليوم أمام مراكز التوزيع تقود إلى سؤال مهم يتعلق بالبطاقة الذكية مفاده أن هناك مشكلة بالقائمين على دراستها ولاسيما بعد أن تمت تجربتها ولم تصل إلى نتيجة..؟ وخاصة بعد أن أكدوا عند إطلاقها بأنها ستحل الأزمة وستنهي الاحتكار وتحد من التهريب بحيث لن تستطيع الناس أن تأخذ أكثر من حاجتها.. كل ذلك ولسان المواطن يقول .. ألا يجب أن تكون هناك دعوة لمحاسبة وزير النفط والمعنيين عن هذا الملف في وزارته..؟