لو يدفع المدخن نصف إنفاقه على التدخين صدقة للفقراء !!!!!
صاحبة الجلالة _
أحمد العمار:
يفيد تقاطع عديد المؤشرات المحلية والعالمية بأن السوريين ينفقون سنويا على التدخين حوالى 216 مليار ليرة سورية، والمقص
ود هنا هو الإنفاق المباشر، أي مجمل عمليات شراء علب السجائر بأنواعها المختلفة، وبمتوسط استهلاك علبة لكل مدخن بسعر وسطي 300 ليرة، ليكون الإنفاق اليومي بحدود 600 مليون، نصيب كل سوري من هذا الإنفاق هو 8640 ليرة سنويا، و720 ليرة شهريا، 0و24 ليرة يوميا، والرقم الأخير هو أعلى من قيمة الاستهلاك اليومي الرسمي للكهرباء أو المياه لأغلب الأسر، فهل لنا أن نتخيل ما الذي يعينه الحديث عما يمكن أن نسميه (اقتصاد التنفيخ)..!؟
وبالرغم من ضخامة هذه الكتلة المالية، إلا أن فيها ما فيها من رؤية سطحية ومجتزئة لهذا النوع من الاقتصاد، فمن المعروف أنه عند احتساب أية تكاليف لسلعة اقتصادية، تحتسب كل عمليات الشراء اللازمة والمكملة لخدمة السلعة الرئيسة، فكما تصح عبارة (ما لا يتم
الواجب إلا به فهو واجب)، فإن ما لا تستخدم السلعة إلا به، فهو سلعة أيضا، لنوضح أكثر: هل كان للمدخن أن يشتري وسائل الإشعال (قداحات وعلب كبريت ونحوها) لولا تعاطيه للسيجارة، وهل كان سيشتري الصحون اللازمة لإطفاء أعقاب السجائر، ومثلها العلب وبعض الإكسسوارات، والقائمة تطول وتطول..
وفي موازاة ذلك، هناك النرجيلة (الأركيلة)، التي باتت في صدارة هذا النوع من الاقتصاد، إن لم تكن أكثر تكلفة، بسبب كثرة مستلزماتها وإكسسواراتها، خاصة مع الإقبال اللافت عليها خلال العقود الأخيرة، إذ قدرت إحدى الدراسات أن تعاطي السوريين لما يسمى (جو) ال
نرجيلة، سيما في المقاهي والمطاعم والنوادي، زاد بعد عام 2005 بنسبة 600 بالمئة، والملاحظ أن هذه الزيادة شملت الجنسين، بعد أن كانت طقسا ذكوريا بامتياز..!
وإذا قلبنا صفحة الإنفاق المباشر على التدخين والنرجيلة، وفتحنا الصفحة التالية (صفحة الصحة)، فإن ثمة مئات المليارات من الليرات تتكبدها جيوب المدخنين وخزينة الدولة، لعلاج مرضى هاتين العادتين، وسنضرب كفا بأخرى عندما نعلم بأن تكلفة علاج الأمراض الناجمة عنهما هي بحدود 30 مليار ليرة سنويا، علما بأن الدولة تخصص حوالى أربعة بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للصحة العامة، وهو رقم مخيف عندما مقاطعته مع أرقام أوجه الإنفاق الأخرى الملحوظة في الموازنة.