يفترض أن يزود التقرير السنوي لقطاع التأمين الصحي السلطات المعنية بتنظيم قطاع التأمين الصحي بالمعلومات حول الموازنة السنوية وكشف الدخل والتدفق النقدي وبيانات مالية أخرى، وكسابقه من التقارير، فإن أرقام وبيانات تقرير النصف الأول لعام 2019 جوفاء، وتكرار من دون جدوى.
أشار التقرير إلى أن القسط في القطاع الإداري هو 9500 ليرة سورية، تدفع وزارة المالية 6500 ليرة، والمؤمن له 3000 ليرة، وعدد المؤمنين في القطاع الإداري يقارب 609.4 آلاف مؤمن له، وبلغ عدد المستفيدين من التأمين الصحي ما يقارب 389.9 ألف مؤمن له، بنسبة 64 بالمئة، في حين بلغ مجموع غير المستفيدين من التأمين الصحي ما يقارب 219.5 مؤمن له، بنسبة 36 بالمئة.
وبلغ مجموع عدد المطالبات للقطاع الإداري ما يزيد على 2.7 ملايين مطالبة، وبلغت قيمة هذه المطالبات ما يزيد على 8.12 مليارات ليرة (أي بوسطي يقل عن 3 آلاف ليرة لكل مطالبة).
وذكر التقرير قيمة التكلفة للمؤمن الواحد في كل شركة، وتفاوتت بين حد أعلى 16692 ليرة، وحدّ أدنى 9076 ليرة ، وبين قيمة المطالبة الواحدة، والتي تفاوتت بين حد أعلى 3210 ليرة وحد أدنى 2729 ليرة.
وبلغ مجموع أقساط تأمين القطاع الإداري نحو 5.9 مليارات ليرة، على اعتبار القسط 9500 ليرة، تدفع الدولة ما يزيد على 3.96 مليارات ليرة، ويدفع المؤمّن لهم ما يقارب 1.83 مليار ليرة.
وتبلغ أجور الخدمات الممنوحة من المؤسسة العامة السورية للتأمين إلى شركات الإدارة نحو 182.8 مليون ليرة، على اعتبار أن القيمة الخدمية لكل مؤمن 300 ليرة.
هنا نسأل:
ما الآلية التي اتبعت في تحديد القسط؟ وكيف رفعت قيمة مدفوعات وزارة المالية التي كانت عام 2010 مبلغ 5000 ليرة، لتصبح 6500 ليرة؟ فهل هي تدوير أرقام للربح والخسارة؟ أم نتيجة الغلاء (التضخم)؟
فإن كانت عملية تدوير، فهذه ليست الطريقة الملائمة في الحسابات، أما إن كانت نتيجة للغلاء، فان قيمتها كانت تعادل 100 دولار أميركي، وهذه حسبت وأخذ بها نتيجة لدراسة الإنفاق على الصحة لعام 2010 والتي قامت بها وزارة الصحة وجامعة دمشق والاتحاد الأوروبي، فهل يا ترى يمكن لوزارة المالية في هذه الظروف أن تدفع قسطاً كهذا (ما يعادل 100 دولار)؟
حدد مشروع قانون الضمان الصحي المرفوع من وزارة الصحة عام 2003 لرئاسة مجلس الوزراء، والذي شكّلت لأجله عدة لجان، آخرها لجنة وزارية مصغرة عام 2007، أن القسط يكون باقتطاع ما نسبته 3 بالمئة من العامل، و6 بالمئة من التأمينات الاجتماعية، ليصبح القسط لكل مؤمن 9 بالمئة، وإذا احتسبت على الراتب بوسطي 50 ألف ليرة، يكون القسط التأميني السنوي لكل مؤمن 54 ألف ليرة سنوياً، وهي تكفي لتغطيته وتجنب الخسائر على أن يحتسب ما تدفعه المالية مع الفائض من القسط وبعض المساهمة في تغطية بقية أفراد أسرة العامل، ومن ثم تخفيف الهدر، إذ تصبح أعداد المؤمن لهم أكثر من 3 ملايين، باعتبار الوسطي لأسرة العامل 5 أشخاص.
بحسب التقرير، فإن عدد المؤمن لهم في القطاع الإداري يقارب 609.4 ألفاً، فهل هذه الأعداد حقيقية؟ إن العقود التي تمت بين الوزارات والمؤسسة السورية للتأمين ولأعطيت لوزارة المالية هي بيانات رقمية، لا تحمل جداول اسمية، فهنالك بينها ما زالت أسماء لمتقاعدين أو متوفين أو مندبين أو مسرحين أو يؤدون الخدمة الإلزامية أو من ترك العمل بسبب العمليات الإرهابية في بعض المحافظات أو الهجرة..إلخ، ناهيك عن الإضافة والإلغاء، كما أنه لتاريخه لم يتم تقاص على الأعداد بين كل من الوزارة المعنية ووزارة المالية والمؤسسة العامة السورية للتأمين.
وبلغ عدد المطالبات 2.7 مليار، وبشكل عام تعرف المطالبة الطبية بمجموع حركات المؤمن المرضية لنوع واحد من المرض (زيارة طبيب، أشعة، مخبر، وصفة..إلخ)، ولكن مع الأسف تم حاليا تعريف كل حركة طبية بمطالبة.
ومن ناحية أخرى، لم يظهر التقرير المطالبات داخل المشفى عما هي خارجه، وتم دمجها جميعاً، بعضها مع بعضٍ، كما لم يبين التقرير حالات الولادة والعمليات القيصرية ونسبها وهي مهمة في أعمال التأمين الصحي، كما أنه لم يتم فصل مطالبات الأمراض المزمنة وعددها ونوعها وهي نقطة مهمة في التأمين الصحي.
وبلغت قيمة تلك المطالبات 8.12 مليارات ليرة، وإذا تم تقسيم هذا المبلغ على عدد المطالبات تكون قيمة المطالبة هي 2996 ليرة، وهنا أيضاً لا يمكن التفريق بين المطالبة في المشفى أو حركات المؤمن له الخارجية، أو قيمة الأدوية أو التحاليل المخبرية أو الأشعة.. وغيرها من الإجراءات، وبالتالي لا يمكن الركون إلى بيانات حقيقية تؤدي لمعرفة الإنفاق وقيمته لكل إجراء.
وبلغ مجموع أقساط تأمين القطاع الإداري نحو 5.79 مليارات ليرة، تدفع الدولة منها 3.96 مليارات ليرة، والمؤمن لهم نحو 1.83 مليار ليرة، ولا يوجد دراسة حقيقية لقيمة القسط، ثم هل تم تقاص بين الوزارات ووزارة المالية حول الأعداد والمدفوعات؟
من ناحية أخرى، هل تم تقاص بين وزارة المالية والمؤسسة العامة السورية للتأمين حول هذه المبالغ وتصفيتها سنوياً؟ ولماذا تتحمل المؤسسة هذه الخسائر السنوية وهي التي يجب أن تكون مؤسسة اقتصادية ربحية؟ ولماذا تكون أقساط القطاع الاقتصادي أعلى من القطاع الإداري؟ وهم يعملون في المؤسسات العامة؟ غير متناسين أيضاً أن تغطية المؤمن في القطاع الاقتصادي أكبر وأشمل، وتغطيتهم بدأت منذ عام 1981 هم وعوائلهم، بينما حرم القطاع الإداري من التغطيات الطبية حتى عام 2010، والتي منحت له وكانت منقوصة جداً في الوقت الذي يدفع فيه العامل في القطاع الإداري والقطاع الاقتصادي المبلغ ذاته للتأمينات الاجتماعية، وتدفع الحكومة أيضاً الحصة المناظرة نفسها للتأمينات الاجتماعية، غير متناسين أن المراجعين لإصابات العمل للتأمينات جلهم من القطاع الاقتصادي، أي إن عامل القطاع الإداري حمل إصابات القطاع الاقتصادي وساهم في نمو إيرادات مؤسسة التأمينات بشكل كبير في الوقت الذي تخلت عنه التأمينات الاجتماعية منذ عام 1959 ولتاريخه.
وهناك من يدعي أن وزارة المالية لا تقوم بدفع مساهمات التأمينات الاجتماعية كاملة، وهنا نقول إن ما ورد في المادة 3 من قانون التأمينات الاجتماعية ينص على أن تمارس المؤسسة الحقوق المخولة للسلطات المالية المختصة بموجب قانون جباية الأموال العامة لتحصيل المبالغ المترتبة لها والمنصوص عنها في قانون التأمينات الاجتماعية وتعديلاته.
وللمؤسسة الحق بطلب إعفاء محاسبي الإدارة في حال التخلف عن تسديد الاشتراكات المترتبة للمؤسسة عن عمال الجهة التي يعملون لديها لمدة تزيد على ثلاثة أشهر، ولها مقاضاة آمري الصرف وعاقدي النفقة والمديرين الماليين ومحاسبي الإدارات لدى الجهات العامة وذلك في حال التقصير أو التأخر عن تسديد جميع المبالغ المستحقة للمؤسسة مع الفوائد والمبالغ الإضافية..وهنالك مواد بهذا الخصوص.
بقي أن نورد أموراً محدودة من جملة كبيرة من الاستفسارات عن أرقام التقرير، من بينها، أين نسب الاقتطاع التي تمثل التحمل ونسب المشاركة بالتأمين التي يدفعها المؤمن لهم وهي مبالغ لا يستهان بها تعطي صاحب القرار فكرة عامة عن الأرقام؟.
وما دامت الجهة الدافعة هي واحدة (متمثلة في وزارة المالية)، فلماذا لا يتم توحيد العقود لتبدأ جميعاً مع بداية العام، وتنتهي بنهايته، ليتمكن صاحب القرار (الوزارات المعنية) من التقاص وقطع الحسابات ورصد الموازنة وتغيير مقدمي العقود؟ إن المعمول به حالياً يؤدي إلى غياب الشفافية وتبدل المعطيات وأموراً أخرى كثيرة لا مجال لذكرها.
ما أكثر الأمراض المزمنة شيوعاً وأهم الأدوية؟ ولماذا لا توزع باسمها العلمي؟ ونحن نعرف مدى تغيير هذه الأدوية من شركة ذات قيمة عالية لتعطى للمريض ذات قيمة أدنى وقد يكون الدفع من المؤسسة للدواء ذا القيمة الأعلى!.