في هذا السياق يرى الخبير المصرفي مروان مخايل ان “ما يحدث اليوم في القطاع المصرفي هو تطور طبيعي للأمور في ظلّ التخبط السياسي الذي نعيشه اليوم وعدم وجود حكومة اضافةً الى غياب اي اجراءات عملية سواء من الطبقة السياسية الموجودة او حتى من مصرف لبنان ويقول لـ “الاقتصاد” : ” باعتقادي ان الأمور ستزداد صعوبة في حال استمر الوضع السياسي على ما هو عليه اليوم الى حدّ لن تستطيع المصارف اعطاء الدولار الى زبائنها، خصوصاً ان كمية الدولار التي تكون عادة بحوذة المصارف بدأت تنفذ جراء الطلب المتزايد على عملة الدولار بعد ان فقدت الناس الثقة بهذا القطاع”.
يضيف : ” انا اتفهم الناس خصوصاً الموظفين الذي لا يستطيعون سحب رواتبهم كاملة بالدولار ولكن يمكنهم حلّ هذه المشكلة عبر استخدام الـ “Debit card” لشراء حاجتهم او حتى دفع مستحقاتهم ولكن المشكلة ان بعض المواطنين ينتظرون كي يحصلوا على الـ 200 دولار اسبوعياً من أجل بيعهم للصيارفة وكسب الربح على الرغم من انه حق مشروع الا انه يزيد الأزمة تعقيداً”.
مخايل يستغرب تهرب مصرف لبنان من مسؤولياته بهذه المرحلة ان لجهة اصدارالتعاميم حول تحديد السحوبات والتحاويل وغيرها من الأمور التي يجب ان تكون واحدة بالنسبة لجميع المصارف، اضافة الى تشريع الـ “capital control ” الذي وبحسب قانون النقد والتسليف لا يحتاج تطبيقه الى تشريع من قبل مجلس النواب خصوصاً في هذه الظروف الاستثنائية”.
يضيف: ” بطبيعة الأحوال لا أحد يؤيد فكرة الـ “capital control” في الظروف الطبيعية ولكننا اليوم بظرف استثنائي وهذا الظرف يُحتم على المسؤولين تطبيقه بشكل قانوني ورسمي حفاظاً اولاً على اموال المودعين وعلى القطاع ثانياً، فالجميع يعلم ان اموال المودعين لا تبقى بالمصارف انما يتم توظيفها في الأسواق”.
“هذه الأزمة ستتفاقم أكثر فأكثر يتابع مخايل خصوصاً ان لم تتشكل حكومة توحي بالثقة – بغض النظر عن شكلها او لونها – لذلك الحلّ الأول يبدأ بتشكيل حكومة تتمتع بغطاء دولي تبدأ فوراً بالعمل على وضع برنامج اقتصادي متكامل وليس جزئي على ان يتم التعاون مع صندوق النقد الدولي من أجل الخروج من هذه الأزمة التي لا تحل باجراءات داخلية فقط، فلبنان بحاجة الى ضخ السيولة مجدداً في سوقه المالي وهذه الخطوة لا يمكن ان تُطبق الا بمساعدة خارجية تبدأ مع صندوق النقد الدولي الذي يفتح الباب امام الدول الأخرى لضخ المزيد من السيولة في لبنان”.
وعن بدأ عملية تسليم الحوالات الماليّة الواردة من الخارج بالدولار الأميركي عبر شركة “OMT” – خصوصاً وان بعض الشركات الخارجية التي تملك فروعاً لها في لبنان عمدت بالآونة الأخيرة الى الاستغناء عن التحاويل عبر المصارف نظراً الى الاجراءت المعتمدة بعد 17 تشرين – يرى مخايل ان “هذه الخطوة ايجابية وهي تسمح بان يتحرر الدولار من النظام المصرفي الى السوق الموازي وبالتالي تزداد كميته في الأسواق، وهذه الخطوة قد تساهم في تراجع الطلب على عملة الدولار وهذا يؤدي بطبيعة الأحوال الى انخافض سعر الصرف الموازي الذي وصل الى الـ 2500 ليرة، كما وستساهم هذه الخطوة ايضاً في تخفيف الضغط على المصارف”.
يختم مخايل حديثه بالقول : “اغلب دول العالم واجهت أزمات سواء أزمة نقدية ام مالية ام اقتصادية الا ان ازمة لبنان تختلف عن كل أزمات العالم كونها تتكون من مجموعة أزمات وبالتالي الخروج منها ليس بالأمر السهل واي حلّ دون مساعدة الخارج وتحديداً صندوق النقد الدولي سيكون ناقصاً، لذلك على الحكومة المقبلة تحضير برنامح متكامل يتضمن اصلاحات جدية والبدء بتطبيقها فوراً على مراحل خصوصاً وان المجتمع الدولي والعربي لم يعد يثق بلبنان لأننا منذ باريس 1 الى سيدر ونحن نعد بتطبيق الاصلاحات ومع الأسف لا نطبق اي اصلاح، لذلك برنامج الحكومة المقبل يجب ان يكون جدياً وان يكون على مراحل باشراف صندوق النقد وبالشروط التي تناسب لبنان وظروفه للخروج من هذه الأزمة”.