دمشق سانا
عقد مجلس الشعب اليوم برئاسة حموده صباغ رئيس المجلس جلسته الأولى من الدورة العادية الثانية عشرة للدور التشريعي الثاني بحضور رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس والوزراء.
وأكد صباغ في كلمة له بمستهل الجلسة أهمية التعاون والتكامل بالعمل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية للوصول إلى الاهداف المرسومة والمرجوة التي تلبي تطلعات الشعب السوري الصامد والأبي.
وأشار صباغ إلى أهمية أن تكون النقاشات مع الحكومة منطلقة من المسؤولية الوطنية لجهة خدمة الوطن والمواطنين وتلبية احتياجاتهم.
وفي كلمة له أكد المهندس خميس أنه في ظل الانتصارات الكبرى التي حققتها قواتنا المسلحة الباسلة وحلفاؤنا الأوفياء خلال العامين الأخيرين والتي تمثلت بتحرير مساحات واسعة من الإرهاب عمدت قوى العدوان إلى تصعيد حربها على بلدنا عبر تحريكها جبهات عدة كان أبرزها الاحتلال التركي لمناطق في الشمال السوري وتشديد الحصار الاقتصادي المفروض على سورية وذلك بالتزامن مع قرار الادارة الامريكية العلني بسرقة النفط السوري ودعم الفوضى والاضطرابات الداخلية في عدد من الدول المجاورة.
ولفت المهندس خميس إلى أن كل ذلك أدى إلى حدوث تداعيات اقتصادية غايتها الأولى تأليب المواطن على دولته ومحاربته بلقمة عيشه ومن أبرزها انخفاض سعر صرف الليرة بعد مرحلة استقرار دامت أكثر من عامين ونصف العام وصعوبة تأمين السلع والمواد المستوردة ولا سيما المشتقات النفطية والمواد الغذائية الأمر الذي زاد من حجم الضغوط المعيشية على المواطنين وإعاقة تنفيذ بعض الخطط والبرامج الاقتصادية التي كان من شأنها تدشين مرحلة جديدة من التعافي الاقتصادي وخاصة أن مناطق واسعة عادت إلى كنف الدولة رتبت أعباء إضافية كبيرة على عمل المؤسسات الحكومية التي باتت مطالبة بتوسيع نطاق خدماتها وعملها ليصل إلى كل قرية وحي.
وبين المهندس خميس أن ما عملت الحكومة على تنفيذه طيلة السنوات السابقة من مشروعات إنتاجية وتنموية وخدمية في جميع المحافظات أسهم بشكل كبير في التخفيف من حجم وحدة الضغوط الاقتصادية التي يواجهها بلدنا مشيرا إلى أن الدولة أمنت الاستقرار لأكثر من أربعة ملايين مهجر في ظل الإجراءات الاقتصادية القسرية الجائرة وهذا يمثل رسالة للعالم أن الدولة السورية حريصة على توفير متطلبات مواطنيها مهما اشتدت الحرب.
وأوضح المهندس خميس أن ما يواجهه المواطن حاليا من زيادة في الأسعار ومحدودية في الدخل وصعوبة في توفير بعض السلع يمثل معاناة كبيرة تعمل مؤسسات الدولة وأجهزتها المختلفة على معالجتها والتخفيف منها وفق خطوات عدة يحمل بعضها طابعا إسعافيا هدفه تخفيف معاناة المواطنين وضمان حصولهم على احتياجاتهم بأسعار مناسبة مبينا أن من أهم تلك الإجراءات توسيع مساحة التحرك لمؤسسات التدخل الإيجابي والبدء قريباً بتوزيع بعض السلع الغذائية الأساسية المدعومة باستخدام البطاقة الذكية إضافة إلى الجهود المستمرة للتدخل المباشر في السوق لضبط الأسعار وتوفير السلع والمواد بكميات مناسبة دون أي احتكار أو استغلال.
ولفت رئيس مجلس الوزراء إلى أن الجزء الأكبر من العمل الحكومي اتجه نحو تنفيذ استراتيجيات إعادة بناء الاقتصاد الوطني حيث ركزت الحكومة في الفترة الماضية اهتمامها على موضوعات كثيرة تدخل جميعها في دائرة تنمية الموارد الوطنية واستثمار الإمكانيات والطاقات المحلية بأفضل ما يمكن إلى جانب ترشيد الإنفاق ومكافحة الهدر مبينا أن الحكومة تابعت اهتمامها المباشر بالمشروعات التنموية المقرة حديثا أو تلك المتوقفة منذ سنوات طويلة في معظم المحافظات وتم وضع بعضها في الخدمة والاستثمار والبعض الآخر لا يزال قيد البناء والإنجاز وباعتبار التنفيذ هو الأهم فإن الأولوية الحكومية تبقى في متابعة تنفيذ المشروعات التي يجري إقرارها وتقييم نتائج ما وصلت إليه وهي مهمة أنيطت باللجان الوزارية المشكلة لمتابعة أوضاع كل محافظة.
وأشار المهندس خميس إلى أن ما أفرزته الحرب من تحديات وضغوط اقتصادية فرض نفسه على الأداء الحكومي وبشكل يكاد يكون أحيانا لحظيا وذلك بالنظر إلى ارتباط تلك التحديات والمشاكل بحياة المواطنين واحتياجاتهم الأساسية وهذا ما يفسر الأولويات الحكومية المتبدلة بين يوم وآخر دون أن يعني ذلك إلغاء أو شطب أي ملف من أجندة العمل الحكومي.
وقال المهندس خميس.. لم نتذرع بالحرب ولن نفعل ذلك بل عملنا على استثمار مواردنا بالشكل الأمثل لتأمين المتطلبات الخدمية واستمرار مؤسسات الدولة وهذه الموارد محدودة بفعل الحرب ولم نلجأ إلى القروض الخارجية وأمام فاتورة الاحتياجات من النفط والقمح والأدوية ومتطلبات قواتنا المسلحة من الطبيعي ألا تحافظ الليرة على قيمتها واقتصادنا لم يشهد حتى الآن فترة استقرار بفعل الحرب التي تتصدى لها سورية.
وفيما يخص الليرة السورية أوضح رئيس مجلس الوزراء أنه عندما بدأت الحكومة بإقامة العديد من المشاريع المتوسطة والصغيرة تم تصعيد الحرب الاقتصادية ولجؤوا إلى حرب إعلامية قذرة والمضاربة ما أثر سلبا في الليرة مؤكداً أن السياسات التي يتبعها مصرف سورية المركزي تنطلق من المتغيرات التي تفرضها الحرب وتستهدف بالدرجة الأولى دعم عملية الإنتاج بكل مفاصلها التنموية.
وأكد رئيس مجلس الوزراء أن هناك مجموعة من القرارات الاقتصادية المهمة تجري دراستها من قبل اللجنة الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء لدعم الليرة ومحاربة حالات المضاربة التي تتعرض لها بالتوازي مع دعم الإنتاج في القطاعات الزراعية والصناعية وتوفير المواد الأساسية للمواطنين بالأسعار والجودة المناسبة مشيرا إلى أنه سيتم توسيع قائمة المواد المدعومة في صالات السورية للتجارة خلال الأيام القادمة لتشمل مواد جديدة والعمل مستمر على دعم دور مؤءسسة التجارة الخارجية لاستيراد هذه المواد.
واعتبر المهندس خميس أن الاقتصاد السوري ورغم التحديات استطاع الصمود طيلة سنوات الحرب وبلغة الأرقام تبلغ كتلة رواتب العاملين التي تؤمنها الدولة سنويا 1100 مليار ليرة أصبحت بعد الزيادة 1600 مليار ليرة وتم خلال العام الماضي دفع ما يقارب 300 مليار ليرة لاستلام محصول القمح من الفلاحين وألفي مليار سنويا لتوفير احتياجاتنا من المشتقات النفطية و400 مليار لدعم قطاعي التربية والتعليم لافتا إلى أن الأيام القادمة ستشهد جهودا مكثفة لاستثمار مواردنا المحلية بالشكل الأمثل وتوسيع قاعدة المشاريع المتوسطة والصغيرة وتعزيز العملية الإنتاجية وترسيخ مبدأ الاعتماد على الذات وخصوصا في القطاعين الزراعي والصناعي.
ونوه رئيس مجلس الوزراء بالتعاون المثمر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية خلال السنوات الماضية الأمر الذي انعكست نتائجه الإيجابية على معالجة كثير من الملفات الاقتصادية والخدمية بما يخدم مصالح المواطنين ويلبي طموحاتهم معربا عن ثقته بأن سورية وكما تمكنت من تجاوز ما حيك لها سابقا من مؤامرات وما فرض عليها من حصار وعقوبات غير مشروعة ستتمكن بفضل حكمة وقيادة السيد الرئيس بشار الأسد من تجاوز الحرب الحالية وتحقيق انتصار ستكون له آثاره على العالم أجمع.
وفي مداخلاتهم أدان أعضاء المجلس ما تسميه الإدارة الأمريكية قانون “سيزر” وقيام قوات الاحتلال الأمريكي بأعمال النهب والسطو على النفط السوري وكذلك الدعوات المشبوهة والمغرضة الموجهة مؤخرا للسوريين والتي لا يستفيد منها إلا أعداء الوطن مؤكدين أن الحرب التي تشن على سورية تركت آثارا سلبية عميقة على الشعب السوري وذلك يتطلب تكثيف الإجراءات والخطوات الحكومية للنهوض بالواقع المعيشي وتلبية الاحتياجات والمتطلبات الأساسية للمواطنين ومكافحة الفساد والفاسدين.
ونوه أعضاء المجلس بالمرسومين التشريعيين 3 و4 اللذين أصدرهما السيد الرئيس بشار الأسد أمس بخصوص التشدد بالعقوبات لكل من يثبت تعامله بغير الليرة السورية أو ينشر مزاعم كاذبة لإحداث عدم استقرار في سعر صرفها داعين الجهات المعنية إلى التطبيق المباشر للمرسومين لما لهما من آثار ومنعكسات ايجابية تسهم في ردع من يستهدفون العملة الوطنية واتخاذ المزيد من الإجراءات من قبل مصرف سورية المركزي ووزارتي المالية والاقتصاد لحماية استقرار الليرة ودعم صمود الاقتصاد الوطني.
وتركزت مداخلات الأعضاء حول ضرورة تحسين الرواتب والأجور وتكثيف مراقبة الأسواق وكبح جماح الأسعار ومحاربة المحتكرين ومحاسبة من يتلاعبون بلقمة المواطنين وتخفيف العبء عن كاهلهم في تأمين المواد الأساسية وتوسيع قائمة هذه المواد المدعومة سعريا من قبل الحكومة وزيادة كمياتها.
كما دعا أعضاء المجلس إلى إيجاد حل لموضوع التقنين الكهربائي وعدم انتظام الجهد الكهربائي في عدد من المحافظات والإسراع بتقديم التعويضات للفلاحين بمحافظة طرطوس عن الاضرار التي لحقت بهم جراء سوء الأحوال الجوية وتحقيق العدالة في توزيع المحروقات بعدد من المحافظات ولا سيما السويداء وريف دمشق مؤكدين ضرورة تسريع وتيرة عودة المهجرين الى المناطق المحررة والعمل على تأمين عودة من هجروا خارج الوطن.
وأشار أعضاء المجلس إلى أهمية دور الإعلام في نقل عمل مجلس الشعب والحكومة ورصد مكامن الخلل والفساد وضرورة تحقيق الشفافية بين الحكومة والإعلام لإيصال المعلومة والحقائق للمواطنين وتفعيل عمل المكاتب الصحفية في الوزارات والمؤسسات وأن تكون تابعة لوزارة الإعلام مؤكدين أهمية إعادة الثقة بين الحكومة والمواطن وإيجاد حلول اقتصادية استثنائية تناسب الواقع الراهن.
ودعا أعضاء المجلس إلى دعم القطاع الزراعي والثروة الحيوانية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة وتوسيع دائرة القروض لتشمل تمويل شراء الأدوية البيطرية والإسراع في تثبيت العاملين بعقود سنوية وإلزام كل المؤسسات بإيجاد تأمين صحي للعاملين لديها والتشدد في مكافحة تهريب المواد الأساسية المدعومة واللحوم والأعلاف إلى دول الجوار وكذلك إلغاء البلاغ رقم 4 لعام 2017 الذي يشترط أن تكون الصناعات داخل المناطق الصناعية ويحرم المزارعين من إقامة مشاريع استثمارية على الأراضي الزراعية.
وفي رده على مداخلات أعضاء المجلس بين المهندس خميس أنه سيجري خلال الفترات القادمة توسيع المناطق الصناعية في المحافظات كافة بعد أن تم الاكتتاب بالكامل على المقاسم الصناعية فيها بهدف منع الانتشار العشوائي للأنشطة الصناعية والذي من شأنه التأثير سلبا على النشاط الزراعي وهناك دراسات لإقامة مناطق صناعية جديدة في الأماكن التي لا تصلح للزراعة ومن المتوقع أن تشهد الحركة الصناعية في المنطقة الساحلية خلال الفترة القادمة نشاطا ملحوظا مشيرا إلى أن العمل مستمر لدعم برنامج إحلال بدائل المستوردات وتوفير المواد الأولية اللازمة للصناعة ومكافحة تهريب المواد محلية الصنع إلى أسواق الدول المجاورة والعمل على إصدار قانون الاستثمار الذي من شأنه تشجيع الاستثمارات خلال مرحلة إعادة الإعمار وكل ذلك في إطار تحقيق مبدأ الاعتماد على الذات.
وفيما يتعلق بالمرسومين التشريعيين المتعلقين بحماية الليرة أكد المهندس خميس أنه سيتم تطبيقهما بشكل دقيق دون تهاون أو ظلم بما يضمن منع أي تجاوزات من شأنها التأثير سلبا على قيمة العملة الوطنية وبالتالي على الواقع المعيشي للمواطنين حيث جرت خلال الفترة الأخيرة لقاءات حكومية مكثفة مع المختصين وممثلي القطاع الخاص لإشراكهم في الخطوات المتخذة للمحافظة على استقرار سعر الصرف موضحا أن المصرف المركزي والحكومة ومجلس النقد يجتمعون وفي كل يوم يتخذون قرارا وقريبا ستصدر قرارات معينة لطريقة ضبط ومراقبة الليرة السورية لتبقى في عهدة المصارف الحكومية المعنية سواء للبيع أو الشراء أو التداول.
ولفت المهندس خميس إلى أن مصرف سورية المركزي سينتهي خلال الأشهر الستة القادمة من تطبيق الدفع الإلكتروني على المعاملات العامة إضافة إلى استكمال إجراءات تطبيقه في الوزارات موضحا أن تطبيق الدفع الإلكتروني يساهم في توظيف الوفورات المحققة بخدمة عملية التنمية.
وأشار المهندس خميس إلى أهمية تمويل المشاريع الاستثمارية العامة من خلال سندات الخزينة والذي من شأنه وضع هذه المشاريع بالإطار الصحيح الذي يضمن تنفيذها خلال المدد الزمنية المحددة إضافة إلى توسيع قاعدة المشاريع الاستثمارية التابعة للوحدات الإدارية في كل المحافظات ووضع آلية المتابعة المناسبة لها لافتا إلى أن الموازنة العامة للدولة ستركز خلال العام الجاري على المشاريع الإنتاجية ومشاريع الخدمات وتوفير الدعم المفتوح للقطاعين الزراعي والصناعي وتسريع دوران عجلة الإنتاج وإدارة نقص الموارد الذي تفرضه الحرب للاستمرار في توفير مقومات صمود الدولة السورية.
ورفعت الجلسة إلى الساعة الثانية عشرة من ظهر يوم غد الإثنين.