الدكتور عامر خربوطلي
مدير عام غرفة تجارة دمشق .
على الرغم من أن الموجودات الثابتة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة تعتمد أساساً على الإمكانات الفردية لصاحب المؤسسة فإن هذه المؤسسات أخذت تلجأ بفعل الحاجة إلى التطور والتحديث إلى مصادر تمويلية خارجية وقد أدى ذلك إلى ارتفاع حاد في ديون المؤسسات وهي مسألة ضاعفت من الأخطار والتهديدات عليها.
ويمكن تلخيص المشكلات التمويلية بالعديد من النقاط، أهمها:
1. باعتبار أن الكيان القانوني لهذه المؤسسات في الغالب مؤسسات فردية، فأنه يصعب زيادة رؤوس أموالها عن طريق طرح أسهم وسندات.
2. تردد بعض البنوك التجارية في منح هذه المؤسسات قروضاً ائتمانية قصيرة أو طويلة الأمد، وذلك ما لم تكن تتمتع بشهرة واسعة أو بضمان مؤسسة أو شخصية معروفة من الوسط التجاري.
3. تحمّل كلفة مرتفعة في سبيل الحصول على التمويل نتيجة لارتفاع أسعار الفائدة، وهذا يرهق ميزانيات هذه المؤسسات ويستقطع جزءاً هاماً من أرباحها، وهو الأمر الذي يحد من قدرة المؤسسات على توسيع طاقتها الإنتاجية وتحسين نوعية التكنولوجيا المستخدمة.
4. يلاحظ من خبرات معظم الدول في مجال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أن إمكانية الوصول للائتمان محدودة وأن المؤسسات المالية لا ترغب وقد لا تستطيع المخاطرة بتقديم الائتمان وهذه المشكلات تنتج بصفة عامة من الاعتقاد بارتفاع درجة المخاطرة.
وعند تمويل رأس المال هناك اعتبارات أخرى وعلى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أن تحاول التغلب على بعض الأمور مثل ارتفاع تكلفة المعاملات وعلى ذلك فإن تحسين إمكانية الوصول لرأس المال بالنسبة لهذه المؤسسات يقع على رأس الأولويات بكل دولة.
تنظر كل الدول للنظام الضريبي كأداة مالية داعمة قوية خاصة وإدراكاً للتحديثات التي تواجه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عند تأسيسها ونموها إلى جانب مساهمتها المميزة في الاقتصاد والمجتمع كلل فإن معظم الدول تمنح معاملة ضريبية تفضيلية لهذه المؤسسات.
تسعى معظم الحكومات لتشجيع مؤسسات تمويلية أخرى للقيام بدور ريادي في إقراض هذه المؤسسات مثل اتحادات الائتمان في كندا والمملكة المتحدة ومؤسسات التمويل المعتمدة في جنوب إفريقيا، ومن ناحية أخرى تضع العديد من الدول برامج لضمان الائتمان من أجل مواجهة مخاطر تمويل الديون وإعطاء المؤسسات المالية التجارية موقع الريادة في هذا المجال.
كما تحاول كل الدول وضع أولويات لتحسين إمكانية الوصول إلى رأس المال المغامر أو المخاطر أو المبادر من جانب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالرغم من أن المبادرات الحكومية في هذا المجال ليست متطورة بالقدر الكافي بالمقارنة لتمويل الديون ولدى معظم الدول برامج لتقديم رأس المال المبتدئ للمساعدة في بدء وإقامة المشروع خاصة لأصحاب الأعمال المحرومين.
وهناك مبادرات تقليدية في مجال رأس المال المخاطر وقد تم تصميمها لزيادة المعروض من رأس المال والتغلب على التركز الجغرافي في نشاط رأس المال المخاطر ومثالها مبادرة شركة رأس المال المخاطر لرعاية العمالة في كندا LSVCC التي تعتبر نموذجاً قوياً لاستخدام الحوافز الضريبية لتشجيع الاستثمار في هذه المؤسسات من خلال مستثمرين أفراد وهناك دول عديدة لديها مبادرات تعتمد على المجتمع للمساعدة في تنمية البنية الأساسية المحلية لزيادة إمكانية الوصول لرأس المال المخاطر والدعم الإداري.
كما تعتبر مشكلة الائتمان المصرفي مشكلة خارجية أخرى تواجهها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة فقد أظهرت التجارب أن إقراض البنوك لهذه الشركات قد أدى في النهاية لعسر مالي بالنسبة للشركة وللبنك وهذه المشاكل هي (بالنسبة للشركات) تتمثل في نقص الخبرة حول المقترضين الصغار مع البنوك وإجراءات البنوك والإقراض وطلب ضمانات وتسهيلات تفوق قدرتهم على السداد مما يجعل البنوك مترددة في منح هذا الائتمان، بالإضافة إلى غياب البيانات المالية المحاسبية لهذه الشركات قد يمنع البنوك من الإقراض. ووجود انطباع عام لدى العديد من البنوك بان هناك مخاطر أكبر من إقراض الشركات الصغيرة من تلك المخاطر مع الشركات الكبيرة. وشعور البنوك بأنهم سيتحملون تكاليف تحويل أعلى من تلك التي يتحملونها من الشركات الكبيرة بسبب الجهود الإضافية المطلوبة لجمع معلومات عن المؤسسات الصغيرة لتقييم المخاطرة في تقديم الضمان.
أما في مجال الصناعات الصغيرة والمتوسطة فالمصنع يحتاج إلى الاقتراض لتمويل مستلزمات مشروعه الاستثماري، ويندر أن توجد المؤسسات المالية المتخصصة في التعامل مع هؤلاء الأفراد، وإن وجدت فعادةً ما تكون محدودة الإمكانيات فضلاً عن أنها تضع شروطاً للاقتراض صعبة بالنسبة للمصانع الصغيرة.
ومن هذه الشروط طلب ضمان عيني ذا قيمة ونادراً ما يتوافر هذا الشرط لدى هذه الصناعات وفي سعيها لمواجهة هذه المشكلة فإنها تلجأ إلى الوسطاء للاقتراض منهم وبأسعار فائدة مرتفعة ولقصور التمويل فكثيراً ما يعتمد في شراء مواده الأولية على التجار والوسطاء الذين يشترون منتجاته ومن ثم فإن الصناعات الصغيرة مضطرة إلى شراء المواد الخام بسعر مرتفع والتخلص من منتجاتها بسعر منخفض، وتذهب هذه الفروق في البيع والشراء إلى التاجر الوسيط في شكل عمولات وفوائد.
أما في سورية وبعد إنشاء مؤسسة ضمان مخاطر القروض الصغيرة والمتوسطة وإنشاء المزيد من مؤسسات وصناديق التمويل الصغيرة بالإضافة لهيئة دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة فإن التحديات التمويلية ينبغي أن تتراجع لصالح إيجاد قنوات تمويلية فاعلة لهذه المشروعات .